responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 286

الخُطوة التّاسعة: العبادة و الدّعاء تصقل مرآة القلب:

الخُطوة الاخرى، هي العبادة و الدّعاء، و لأجل التّعرف على دور، العِبادة و الدّعاء في بناء و تهذيب النّفوس، علينا أولًا التّعرف، على حقيقة ومفهوم العبادة و الدّعاء.

الواقع أنّ الحديث عن هذا الموضوع، طويلٌ وعريضٌ، وقد تناوله العلماءُ، العظماءُ، في كتبهم الأخلاقيّة والتفسيريّة و الفقهيّة، بصورةٍ مُفصّلةٍ ووافيةٍ، ولكن يمكن القول و بإختصارٍ شديدٍ: علينا قبل معرفة حقيقة العبادةِ و مفهومها، أوّلًا أن ندرس مفهوم كلمة «عبد»، و هي الأصل و الجَذر اللّغوي، لكلمة: «العِبادة».

«العبُد» لُغة تُطلق على الإنسان، الذي لا حول له ولا قوّة، في مقابِل مولاه، فإرادته تابعةٌ لإرادة مَولاه، ولا يملك شيئاً في عرضِ ما يملكه مولاه، و لا حقَّ له في التّقصير في طاعة سيّده.

و عليه فإنّ العبودية، هي آخر وأقصى مراحل الخُضوع والخُشوع، في مقابل السيّد، حيث إنّ كلّ شي‌ءٍ في حياته يراهُ من هبته و إنعامه و إكرامه، ومن هنا يتبيّن لنا بوضوح، أنّه لا أحد يستحقّ هذه الدّرجة من العِبادة، و يكون مَعبوداً سوى اللَّه تعالى، فهو الفَيض اللّامتناهي الذي لا ينقطع أبداً.

و من بُعدٍ آخر، أنّ «العُبوديّة»: هي قمّة و نهاية التّكامل المعنوي، للرّوح في حركة التّكامل المعنوي‌للإنسان، و غايةُ ما يطمح إليه الإنسان، من حالة القُرب من اللَّه تعالى، و التّسليم المُطلق لِلذات المُقدسة، فالعبادة لا تنحصر بالرّكوع و السّجود و القيام و القُعود، بل إنّ روح العِبادة هي التّسليم المطلق للَّه‌تعالى، و لذاته المُقدسة و المَنزّهة من كلٍّ عيبٍ و نقصٍ.

و من البديهي أنّ العبادة، هي أفضل وسيلةٍ للرّقي المعنوي، و تحصيل الكَمال المطلق، في حركة الإنسان والحياة، وتقف حائلًا أمام كلّ رذيلةٍ، فإنّ الإنسان يسعى لِلقُرب من معبوده، لِتَتَجلى‌ في نفسه إشعاعاتٌ من نور قُدسه و جَلاله و جَماله، و يكون مظهراً و مرآةً لصفات الجمال و الكَمال الإلهيّة، في واقعه النّفسي و سلوكه العملي.

و في حديثٍ عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «العبُودِيّةُ جَوهَرَةٌ كُنْهُها الرُّبُوبِيَّةُ» [1].


[1]. مصباح الشّريعة، ص 536، نقلًا عن ميزان الحكمة، مادة «عبد».

نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست