إنّ تفسير
مثل هذهِ الروايات، و بالنّظر للأدلة السّابقة، و الروايات التي تصرّح بإمكانية
تغير الأخلاق، ليس بالأمر العسير، لأنّ النّقطة المهمّة والمقبولة في المسألة، أنّ
نفوس الناس بالطبع متفاوتة، فبعضها من ذَهبٍ و البعض الآخر من فضّةٍ، ولكنّ هذا لا
يدلّ على عدم إمكانية تغيير هذه النفوس والطبائع.
وبعبارةٍ
اخرى: إنّ مثل هذهِ الصّفات النّفسية في حدّ المقتضي: ليس علّةً تامّةً، ولذلك
رأينا وبالتجربة أشخاصاً تغيّرت أخلاقهم بالكامل، ويعود الفضل في ذلك للتربية
والتعليم.
و علاوةً على
ذلك، إنّنا إذا أردنا أن نعمّم الحكم، في الحديث الشّريف، على جميع النّاس، فهذا
يعني أنّهم كلّهم ذَووا خُلقٍ حَسنٍ. فبعضهم حسنٌ و البعض الآخر أحسَن، (كما هو
الحال في الذّهب و الفضّة). و عليه فَلَن يبقى مكانٌ للأخلاق السّيئة في طبع
الإنسان. (فتأمّل).
و بالنّسبة
للحديث الثاني، نرى أنّ المسألة أيضاً هي من باب المُقتضي، و ليس علّةً تامّةً،
أو بعبارة اخرى: إنّ الحديث ناظرٌ لأغلبية الناس، وليس جميعهم، وإلّا لخالف مضمون
الحديث، صريح التّأريخ، الذي حكى لنا قَصصاً حقيقيّةً عن أفرادٍ إستطاعوا تغيير
أنفسهم