ومسك الخِتام، نورد حديثاً يبيّن كيفيّة الحساب في يوم القيامة، عن الرّسول
الأكرم صلى الله عليه و آله، أنّه قال: «لا
تَزُولُ قَدَما عَبْدٍ يَومَ الَقيامَةِ، حَتّى يُسْئَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ
عُمْرِهِ فِي ما أَفناهُ وَعَنْ شَبابِهِ فَي ما أَبلاهُ، وَ عَنْ مالِهِ مِنْ
أَينَ كَسَبَهُ وَ في ما أَنْفَقَهُ وَعَنْ حُبِّنا أَهْلَ البَيتِ»[1].
الخطوة الخامسة: المعاتبة والمعاقبة
بعد «المحاسبة»، يأتي دور المُعاتبة و المُعاقبة للنّفس على أخطائها وأغلاطها،
فالحساب بدون إظهار ردّ الفعل، لا فائدة فيه ولا ثمرة، ونتيجته ستكون عكسيةً، بل
تحمل النّفس على الجرأة والجسارة و العناد، في حركة الحياة والواقع، فكما يحاسب
الرّئيس موظفيه عن تقصيرهم، و يعاقبهم بنوعٍ ما، وكلٌّ حسب حجم تقصيره، فكذلك يفعل
السّائرون في طريق الباري، فإذا ما جَمَحَت بهم أنفسهم يوماً، فسوف يعاقبونها
لجرأتها على سيّدها ومولاها.
و أكّد القرآن الكريم على هذه المسألة، فأقسَم بالنّفسِ اللّوامة، لأهميتها:
«لا اقْسِمُ بِآلنَّفْسِ اللَّوامَة» [2]، [3].
و نحن نعلم أنّ النّفس اللوامة، هي الضّمير الحي الذي يردع صاحبه عن إرتكاب
المعاصي، و هو نوع من العِقاب للنفس.
و من الواضح أنّ العقاب للنفس له درجاتٌ و مراتبٌ، و أوّل ما يبدأ من حالة
الملامة، ثمّ يشدّد العقاب، وذلك بحرمان النّفس من بعض اللذائذ الدنيوية لفترة من
الزّمن.
و أشار القرآن الكريم، لنموذجٍ رائعٍ حول هذا الموضوع، و ذلك بالنّسبة للثلاثة
الذين
[3]. المعروف بين المفسّرين: أنّ «لا»
زائدة وللتأكيد، والجدير بالملاحظة أنّه وردت تفسيرات مختلفة «للنفس اللّوامة»،
فبعض قال: أنّها إشارةٌ للكفّار و العاصين الذين يلومون أنفسهم في يوم القيامة،
وبعض أشاروا إليهم في هذه الدنيا، أنّهم يستحقون الملامة في الدنيا قبل الآخرة،
ولكنّ المعنى: «الوجدان أو الضمير المستيقظ»، أنسب من الجميع، و قَسَمٌ القرآن
بهاٌ دليلٌ على أفضليّتها على باقي الامور.