و كلّ واحدٍ منهم، يشتمل على نوعٍ من المعرفة و العلم، في أصل توبته، و مُنتهى
أمره [1].
9- معطيات و بركات التّوبة
إذا كانت التّوبة توبةً حقيقيةً و واقعيةً و نابعةً من الأعماق، فلابدّ من أن
تقع مورد القَبول من قبل اللَّه تعالى، العَفوّ الغَفور، و ستنشر خيرها بركاتها
على صاحبها في حركة الحياة، و تُغطَّي على ما صدر منه من معاصي، أدّت به إلى
السّقوط في منحدر الضّلال و الزّيغ.
مثل هذا الإنسان، يعيش أجواء الحَذر الدّائم من مجالس السّوء و العصيان، و من
كلٍّ عوامل الذّنب و الوساوس، و التّداعيات الاخرى، الّتي توقعه في و حلّ المعصية
مرّةً اخرى.
و يعيش حالة الخجل و النّدم، و يدأب بإستمرار لتحصيل رضا اللَّه تعالى، و
جبران ما فاته من الطّاعات.
هذه هي العلاقات الفارقة لهم، عن المتظاهرين والمرائين.
قال قسم من المفسّرين، في معرض تفسيرهم للآية الشّريفة: «يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً» [2].
قالوا: إنّ المراد من التّوبة النّصوح، هي تلك التّوبة التي تفعّل في الإنسان
عناصر الخير من موقع النّصيحة، و تتجلى في روح التّائب على مستوى حثها له، للقضاء
على جذور العصيان في باطنه، قضاءً تامّاً بلا رجعةٍ بعدها.
و فسّرها قسم آخر، بالتّوبة الخالصة، و قال آخرون إنّ: «النّصوح» من مادّة
«النّصاحة»، و هي بمعنى الخِياطة و التّرقيع، لما حدث من تمزيق، وبما أنّ الذّنوب:
الإيمان والدّين فتقوم