ومذاهبهم الأخلاقية، فكلّ ذلك بإمكانه أن يكون عاملًا مساعداً، يسوق الإنسان
للصّلاح و الفلاح، و الإبتعاد عن الفساد والباطل في حركة الحياة والواقع.
بالطّبع المراد من العلم هنا، ليس هو الفنون والعلوم الماديّة، لأنّه يوجد
الكثير من العلماء في دائرة العلوم الدنيويّة، ولكنّهم فاسدين ومفسدين ويتحركون في
خط الباطل و الإنحراف، ولكن المقصود هو العلم والاطّلاع على القيم الإنسانية، و
التعاليم والمعارف الإلهيّة العالية، التي تصعد بالإنسان في مدارج الكمال المعنوي
و الأخلاقي، في مسيرته المعنوية.
علاقة «العلم» و «الأخلاق» في الأحاديث الإسلاميّة:
الأحاديث الإسلاميّة من جهتها، مشحونة بالعبارات الحكيمة الّتي تبيّن العلاقة
الوثيقة بين العلم والمعرفة من جهةٍ، وبين الفضائل الأخلاقيّة من جهةٍ اخرى، وكذلك
علاقة الجهل بالرّذائل أيضاً. وهنا نستعرض بعضاً منها:
1- بيّن الإمام علي عليه السلام علاقة المعرفة
بالزهد، الذي يُعدّ من أهمّ الفضائل الأخلاقيّة، فقال:
و المعرفة هنا يمكن أن تكون إشارةً لمعرفة الباري تعالى، فكلّ شيء في مقابل
ذاته المقدّسة لا قيمة له، فما قيمة القَطرة بالنسبة للبحر، و نفس هذا المعنى
يمثّل أحد أسباب الزهد في الدنيا وزبرجها، أو هو إشارةٌ لعدم ثبات الحياة في
الدّنيا، و فناء الأقوام السّابقة، و هذا المعنى أيضاً يحثّ الإنسان على التّحرك
في سلوكه و أفكاره، من موقع الزّهد، و يوجّهه نحو الآخرة و النّعيم المقيم، أو هو
إشارةٌ لجميع ما ذُكر آنفاً.