و على كلّ حال، فإنّ الرّوايات الشّريفة، مليئة بمثل هذه النصائح، في دائرة
الإهتمام بالرّفقة و أثر الصّديق في أخلاق وسلوك الإنسان، ولو جُمعت في إطارٍ
واحدٍ لأمكن تأليف بحثٍ شاملٍ كاملٍ في هذا المضمار.
و نختم الكلام بحديث عن الإمام علي عليه السلام، في وصاياه لإبنه الحسن
الُمجتبى عليه السلام:
يقولون: إنّ أحسن وأفضل دليلٍ لإمكان الشيء، هو وقوعه، و في موضوع بحثنا،
فإنّ رؤية نماذج عينيّة من مُعاشرة بعض الأفراد للأراذل، و كيف أنّها أصبحت مصدراً
لأنواع المفاسد و الإنحرافات الخُلقيّة لهم، و بالعكس، فإنّ مُصاحبة الأخيار،
ساهمت لدى البعض، على تطهير أنفسهم، من شوائب الرّذيلة و الزّيغ، و هذه الموارد هي
خير دليلٍ على بحثنا هذا.
فالتشبيه القديم القائل: إنّ الأخلاق القبيحة، مثل الأمراض السّارِيَة، تنتشر
بين الأصدقاء و الأقارب بسرعةٍ فائقةٍ، هو تشبيهٌ صحيحٌ، خصوصاً في الموارد التي
يكون فيها الشخص، حَدث السّن أو ضعيف الإعتقاد و الإيمان، و تكون نفسه مستعدّةً
لقبول أخلاق الآخرين، فالمُعاشرة لمثل هؤلاء الأفراد، مع أصدقاء السّوء، تكون
بمثابة سهمٍ مُهلكٍ و قاتلٍ في دائرةِ الإيمان، و عناصر الخَير في الشّخصية، و قد
شاهدنا الكثير من الأفراد والأشخاص من الطيّبين، الذين تغيّروا بالكامل بسبب
معاشرتهم لرفقاء السوء، و تحوّل مجرى حياتهم من أجواء الخير إلى أجواء الشّر، و
هُناك إثباتاتٌ و أدلّةٌ مختلفةٌ من تقرير هذه الحالةٌ في واقع الإنسان من
النّاحية النّفسية و الرّوحية: