رَفِيقَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَإِبراهِيمَ عليه السلام»[1].
فالتأكيد على مقدار الشّبر، إنّما يدلّ على أهميّة المسألة في دائرة الإحتفاظ
بالإيمان؛ فلو تسنّى للإنسان ذلك، و بأيّ مقدارٍ وأيّ زمانٍ و مكانٍ، فمعناه
التوافق مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و إبراهيم عليه السلام في خطّ
الرّسالة و الدّين.
و الخلاصة، أنّ المحيط والمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان، كان ولا يزال عاملًا
مهمّاً في تكوين وصياغة شخصية الإنسان، و أخلاقه و مؤثّراً فيها، وإن كان الأمر
ليس على وجه الجَبر، وبناءاً على ذلك فإنّ تطهير أجواء المحيط الإجتماعي من أهم
العوامل لتهذيب الأخلاق وتربية الملكات الفاضلة في المحتوى الداخلي للإنسان.
و إذا لم يستطع أنّ يغيّر الإنسان من أجواء المحيط شيئاً، فيجب عليه أن يُهاجر
و يترك ذلك المحيط الغارق في الزّيغ و الضّلالة، و كما أنّ الإنسان، و عندما تتعرض
حياته المادية للخطر، يتحرك من موقع الإبتعاد والهجرة من أرضه، فكذلك عليه أن
يُهاجر منها، عندما تتعرض قِيمَهُ الأخلاقيّة و حياته المعنويّة، التي هي أهم من
حياته الماديّة، للخطر ...، و لا ينبغي أن يتذرّع بأنواع الحجج و الأعذار، ليبقى
فيها بحجّة أنّها أرضي و أرضَ آبائي ...، وغير ذلك من الأعذار و التّبريرات
الواهية، و يستسلم لعناصر التّلوث و الإنحراف التي تؤثر عليه و على أولاده، في
الدائرة السّلبية و لا يهاجر منها؟
فيتوجب على جميع علماء الأخلاق، أن يتحركوا في عمليّة التربية، لغرض إحياء
الفضائل الأخلاقية، و تفعيل عناصر الخير و الإيمان، من خلال إصلاح المحيط
والمجتمع، و بدون ذلك، فإنّ السّعي الفردي و الآني في هذا الخط، سيكون أثره ضعيفاً
في حركة التّربية و التّهذيب.
2- دور الأصدقاء والعِشرة
و الموضوع الآخر، الذي أثبتت التجربة تأثيره العميق على السلوك الأخلاقي، و
إتّفق عليه جميع علماء الأخلاق والتربية والتعليم، هو عنصر الأصدقاء ودور المعاشرة
معهم، ففي