وما دام يراوح في عالم المثال، فلن يستطيع الوصول إلى عالم العقل، الذي هو
عالم الحقيقة والأصل للنفس الإنسانية، الذي لا صورة ولا مادة فيه، فإذا وصل لعالم
العقل، و أدرك نفسه خاليةٌ عن المادة و الصّورة، فسيصل إلى معرفة الباري تعالى، و
يكون مصداق لقوله: «مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَد عَرَفَ
رَبَّهُ[1]»[2].
3- طريقةٌ اخرى
في رسالة «لقاء اللَّه» للعالم والمحقق الكبير، الآقا المصطفوي، أشار إلى
برنامج آخر للسّير و السّلوك، في رسالته الجامعة و الغنية، و المعتمدة على الآيات
والأخبار، حيث أشار أولًا إلى الآيات المتعلّقة بلقاء اللَّه، وبعدها شرع في تفسير
معنى اللّقاء؛ أنّ المراد منه اللّقاء المعنوي و الرّوحي، وأضاف أنّ الإنسان ولأجل
وصوله للقاء اللَّه تعالى في هذا السير المعنوي، عليه أن يكسر حدود المادة والمكان
و الزّمان، و كذلك الحدود الذّاتية لكلّ المُمكنات، و يفنى في عالم اللّاهوت، و
يكون المخاطب لقوله تعالى: «يا أَيَّتُها النَّفسُ المُطمَئِنَّةُ ارجَعِي إِلى
رَبِّكِ راضِيَةً مَرضِيَّةً فادخُلِي فِي عِبادِي و ادخُلي جَنَّتي» [3].
و أقترح خمسة مراحل للوصول إلى المقصود الأكبر:
المرحلة الاولى: التّحرك على مستوى تكميل
وتقوية الإعتقادات، و التّوجه الخاص لُاصول الدّين.
المرحلة الثانية: التّوبة من الذنوب، و
التّحرك من هذا الموقع للإتيان بالأعمال الصّالحة وأداء الواجبات.
المرحلة الثالثة: السّعي الجاد لتطهير النّفس
من الرذائل، و تحليتها بالفضائل الأخلاقية.