الآية
الرّابعة: تتحدث عن أنّ إبراهيم الخليل عليه السلام، و بعد إكماله لبناء
الكعبة، طلب من الباري تعالى: أن يخلق من ذريّته امّةً مسلمةً؛ و أن يبعث فيهم
رسولًا من ذريّته، ليزكّيهم في دائرة التربية الأخلاقيّة، و يعلّمهم الكتاب
والحكمة.
الآية
الخامسة: نجد أن القرآن الكريم، وبعد ذكر أحدَ عشرَ قَسَماً مهماً، وهي من
أطول الأقسام في القرآن،- قسماً بالشّمس و القمر و النّجوم و النفس الإنسانية-، و
بعد ذلك قال:
«قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها».
وهذا التأكيد
المتكرّر و الشّديد في هذه الآيات، يدلّ على أنّ القرآن الكريم، يولّي أهميّةً
بالغةً لمسألة الأخلاق، و أنّ التّزكية هي الهدف الأهم للإنسان، و تكمن فيها كلّ
القيم الإنسانيّة، بحيث تكون نجاة الإنسان بها.
ونفس المعنى
أعلاه ورد في: «الآية السّادسة»، و اللّطيف فيها أَنّ ذكر التّزكية
جاء قبل الصلاة، و ذكر اللَّه تعالى، إذ لولا التّزكية و صفاء الرّوح لا يكون للصّلاة
معنى، و لا لذكر اللَّه.
وجاء في
«الآية الأخيرة»، ذكر لُقمان الحكيم، حيث عبّر عن علم الأخلاق
بالحكمة، فقال:
وبالنّظر
للآيات الشّريفة، نرى أنّ خصوصيّة: «لقمان الحكيم»، هي تربية النّفوس والأخلاق،
ومنها يتّضح أنّ المقصود من الحكمة هنا، هو الحكمة العمليّة و تعاليمها المؤدّية
إليها، و بعبارة اخرى يعني: «التّعليم» لأجل «التّربية».
ويجب
الإنتباه و كما ذكرنا مراراً، إلى أنّ أصل معنى «الحكمة» هو لجام الفرس، وبعدها
أطلقت على كلّ شيء رادعٍ، و بإعتبار أنّ العلوم والفضائل الأخلاقيّة، تردع
الإنسان عن الرّذائل فأطلقت عليها هذهِ الكلمة.
النّتيجة:
نستوحي من
هذهِ الآيات، الإهتمام الكبير للقرآن الكريم بالمسائل الأخلاقيّة وتهذيب