الطّريق الموصل إليه، هو علمٌ غير علم الأخلاق، و منفصلٌ عنه، ولكن و بنظرةٍ
أوسع، نرى أنّ السير و السّلوك الرّوحي، يلتقي في نفس الطّريق التي تهدف إليه
التربية الأخلاقية، و تحصيل الفضائل في خط التّكامل المعنوي، أو على الأقل أنّ
الأخلاق الإلهيّة هي أحد أبعاد السّير و السّلوك الرّوحاني.
وعلى أيّة حال، فإنّ الآيات و الروايات، أشارت إلى هذه النّظرية أيضاً، ومنها:
الآية (156) من سورة البقرة، حيث تقول: «الَّذِينَ إذا أَصابَتْهُم مُصِيبَةٌ
قالُوا إِنّا للَّهِ وَإِنّا إِلِيهِ راجِعُونَ».
فمن جهةٍ، يرى الإنسان نفسه أنّه مُلكٌ للَّهتعالى، و من جهةٍ اخرى، يرى نفسه
أنّه مُسافر، و يتحرّك بإتّجاه اللَّه تعالى شأنه.
و نقرأ أيضاً في سورة العَلق: «إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجعى» [1].
وجاء في سورة الإنشقاق: «يا أَيُّها الإنسانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلى رَبِّكَ
كَدحاً فَمُلا قِيهِ» [2].
و جاء في سورة الرّعد: «رَفَعَ السَّمواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها ...
يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُم بِلَقاءِ رَبِّكُم تُوقِنُونَ» [3].
ويوجد أكثر من (20 آية)، تحدثت عن أن لقاء اللَّه تعالى، في الواقع هو مقصود
السّالكين إلى اللَّه والعارفين به، و يعني اللّقاء المعنوي و الرّوحي مع المحبوب،
و المقصود الذي لا مثيل له.
و صحيحٌ أنّ هذه الآيات، و آياتُ الرّجوع إلى اللَّه تعالى، تستوعب جميع هذه
المعاني، ولكن هذا لا يمنع من أنّ سير وسلوك المؤمن و الكافر، من ناحية الفِطرة
والخلقة، هو بإتّجاه الباري تعالى، فبعضٌ ينحرف عن طريق الفطرة، فيسقط في وادٍ
سحيقٍ، ولكن أولياء اللَّه و مع إختلافهم بالمراتب، يصلون إلى المقصود، مثل
الحيامن التي تسير جميعاً في عالم الرّحم لِتكوين الجَنين، فبعضها تموت في المراحل
الأولى بسبب بعض الآفات، و تتوقف عن الحركة، وبعضها يستمر في طريقه، ليصل أحدها
إلى الهدف.
و أفضل و أوضح من هذه التّعابير، هو تعبير القرآن الكريم، حيث يقول: «إِنَّ
خَيرَ الزَّادِ