مورد البحث
في ثلاث موارد اخرى [1]، و عليه فإنّ الحكم الشرعي في
الآية المذكورة لا يعدّ حكماً جديداً و لا يتنافى مع آية إكمال الدين حيث لم ينزل
أيّ قانون جديد بعد هذه الآية على النبي الأكرم صلى الله عليه و آله.
الجواب
الثاني: إن آيات القرآن الكريم لم تجمع على حسب ترتيب نزولها بل طبقاً للأمر
النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله و على سبيل المثال فالآية 67 من سورة المائدة
تقول: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
...» و من المعلوم أن هذه الآية نزلت قبل الآية مورد البحث «الآية
الثالثة من سورة المائدة».
و لكنّها عند
تدوينها قد كتبت بعد تلك الآية، و عليه فلا مانع أن يكون حكم الاضطرار قد نزل قبل
آية إكمال الدين و لكن في حال تدوينها قد كتبت بعد الآية الشريفة.
الطريق
الثاني: تفسير الآية في ضوء الروايات الشريفة
إن الأحاديث
و الروايات الشريفة الواردة في شأن نزول هذه الآية الشريفة كثيرة، و قد ذكر
العلّامة الأميني في كتابه القيّم «الغدير» [2]
هذه الروايات مع الأبحاث المتعلّقة بها بصورة واسعة، فقد أورد حديث الغدير في هذا
الكتاب من مائة و عشرة راوٍ من أصحاب النبي مضافاً إلى ذلك فقد نقله من ثمانين
شخصاً من التابعين [3]، و قد ذكر العلّامة الخبير
الأحاديث
[1] إن مضمون الآيات الكريمة الأربع في بيان حكم
الاضطرار هو أن الإنسان يمكنه أن يتناول من هذه اللحوم المحرّمة عند الضرورة
بمقدار رفع الحاجة و الاضطرار، و طبعاً فهذا الحكم قليل المصاديق في العصر الحاضر،
و لكن بالنسبة إلى السفر إلى البلاد الأجنبية حيث لا يوجد هناك لحم مذبوح بالطريقة
الشرعية، يواجه بعض الأشخاص حرجاً فيما لو انقطعوا عن تناول اللحوم و تكون صحتهم
البدنية مهددة. فهنا يجوز لهم تناول مقدار من هذه اللحوم من باب الاضطرار، و لكن
بمقدار رفع هذا الاضطرار فقط لا أكثر.
[2] بالرغم من وجود كتب و مصادر غير الغدير تذكر
هذه الواقعة مثل: عبقات الأنوار، المراجعات، إحقاق الحقّ و غيرها، إلّا أنها لا
تصل إلى مستوى كتاب الغدير لأن العلّامة الأميني أكثر دقّة و أجود تنظيماً.
[3] الفرق بين «الصحابة» و «التابعين» أن
الصحابة رأوا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و كانوا يعيشون في زمانه، و أما
التابعين فانهم لم يشاهدوا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و لم يعيشوا في زمانه
بل عاشوا في زمن الصحابة.