طياتها قصة
ولادة هذا النبي الكريم و مقاماته المعنوية و شخصية امّه و فضائلها الكريمة و
حديثه مع الملائكة و المائدة السماوية و مسائل اخرى، و بعد كلّ هذه الأبحاث
المطوّلة عن النبي عيسى عليه السلام يوصي اللَّه تبارك و تعالى نبي الإسلام و يقول
بأن النصارى بعد بيان كلّ هذه الامور بشكل منطقي و مستدل لو لم يقبلوا الإسلام و
اختاروا طريقاً آخر و أصرّوا على عنادهم فعليك بمباهلتهم ليتّضح الحقّ.
2- ما ذا
تعني المباهلة؟
«المباهلة» من مادة «بَهْل» و يعني في لغة العرب
ترك الشيء، و العرب عند ما تلد الناقة يشدون على ثدييها لئلّا يشرب طفلها جميع
اللبن في ضرعها و لكن أحياناً يفتحون الضرع ليشرب طفل الناقة ما يشاء من اللبن،
فيقال حينئذٍ لهذه الناقة التي انفتح ضرعها «ابل باهل».
و أما في
الاصطلاح فلها معنى آخر فهو: عند ما يتقدم شخصان للحوار فيما بينهما بأدلة عقلية و
منطقية و لا يستطيع أحدهما إقناع الآخر برأيه و عقيدته فهنا يحقّ لكلِّ واحد منهما
أن يباهل الآخر و يقول: «إذا كنت أنا على الحقّ و أنت على الباطل فعليك غضب
اللَّه»، و يكرر الآخر هذه العبارة، فيقال لهذا العمل مع توفر شرائطه «مباهلة».
و من الواضح
أن هذا المعنى الاصطلاحي يرتبط بالمعنى اللغوي لأن الشخص الذي يدّعي أنه على حقّ
يقول: إنني أترك الطرف الآخر لقضاء اللَّه و احيله إلى قدرة اللَّه.
الشرح و
التفسير: الدعوة إلى المباهلة
«فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ
مِنَ الْعِلْمِ» أي: أيّها النبي بعد البحث و المناقشة مع هؤلاء
النصارى عن عيسى ابن مريم عليهما السلام و بعد تقديم الأدلّة المتقنة و البراهين
الساطعة حول تفاصيل حياة عيسى ابن مريم فإنهم إذا أصرّوا مع ذلك على عنادهم و
لجاجتهم و لم يبصروا الحقّ و الحقيقة فهناك طريق آخر لاستمرار الدعوة الإلهية و هو
اختيار المباهلة معهم.