و الدليل على
أن الرجس استخدم في هذه الآية الشريفة في جميع أنواع الرجس المادي و المعنوي هو
إطلاق هذه الكلمة، أي أن هذه الكلمة لم ترد بالآية الشريفة مقيّدة بقيد أو مشروطة
بشرط بل وردت بصورة مطلقة و بدون قيد أو شرط، فلذلك تستوعب في مضمونها جميع أنواع
الرجس.
«وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»
هذه الجملة في الواقع تأكيد و تفسير للجملة السابقة
«لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» فطبقاً لهذه
الآية فإن «أهل البيت» طاهرون من الرجس و كلُّ عمل قبيح
بالإرادة الإلهية التكوينية، فهم يتمتعون بمقام العصمة المطلقة.
من هم أهل
البيت؟
يستفاد من
الآية الشريفة محل البحث أن «أهل البيت» يتمتعون بخصوصية تميّزهم عن سائر المسلمين
و هي مقام الطهارة و العصمة المطلقة، و لكن هنا يثار هذا السؤال و هو: من هم أهل
البيت؟
و في مقام
الجواب عن هذا السؤال هناك نظريات مختلفة في تفسير كلمة «أهل البيت» حيث نكتفي هنا
بذكر أربعة منها:
1- ما ذكره
بعض المفسّرين من أهل السنّة من أن المراد من أهل البيت هنا زوجات النبيّ الأكرم
صلى الله عليه و آله [1] و طبقاً لهذا التفسير لا يكون
الإمام عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام من أهل البيت، و بعبارة اخرى
أن أهل البيت هم الذين يرتبطون بالنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله برابطة سببية
لا نسبية.
و دليلهم على
هذه النظرية هي أن آية التطهير وردت ضمن آيات قرآنية تتعلق بنساء النبيّ صلى الله
عليه و آله فهناك آيات قبلها و بعدها تتحدّث عن نساء النبيّ صلى الله عليه و آله،
و سياق الآية يقتضي أن هذه الآية الشريفة أيضاً متعلّقة بنساء النبيّ صلى الله
عليه و آله.
و لكن هذه
النظرية باطلة لِدليلين:
الأوّل:
أنه كما تقدّم سابقاً من أن الآيات الخمسة قبل آية التطهير و كذلك صدر الآية
[1] القرطبي- تفسير الفرقان: ج 6، ص 5264، و قد
نقل هذه النظرية عن «الزجاج».