[4] ومنهم من يضعها على حسب أهواء الملوك ، كما كانت الوضّاعة يضعون في أيّام الأمويين والعباسيين على حسب آرائهم ، وقد ذَكر كلٌّ من حروفي السير أنّ جماعة كانوا صنّاع الحديث في أيّام معاوية ـ لعنه اللّه ـ ، يضعون المطاعن على أمير المؤمنين، والفضائلَ لعثمان ومعاوية وغيرهما من ... . [5] ومنهم من يضعها غلوّاً ؛ فإنّ الغلاة كأبي الخطّاب ويونس بن ظبيان ويزيد الصائغ وضعوا أخباراً على حسب آرائهم . [6] ومنهم من يضعها بغضاً للإسلام كالزنادقة ، كما روي أنّ الزنادقة وضعوا على رسول اللّه صلى الله عليه و آله أربعة عشر ألف حديث ، ومثل الغلاة [و] [1] الخوارج وغيرهم ؛ فإنّ رؤساء كلّ فرقة وضعت ليشيّد به مذهبهم ؛ فقد روي عن عبد اللّه بن يزيد المقري أنّ رجلاً من الخوارج رجع عن بدعته فجعل يقول : انظروا هذا الحديث عمّن تأخذونه ؛ فإنّا كنّا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثاً . [2] [7] ومنهم من كان مذهبه وضع الحديث ، وجَعَله للترهيب والترغيب ، كالكرّامية المنتسبين إلى محمود بن كرّام، والمتصوّفةِ، وبعضِ أهل الرأي ؛ فمِن ذلك ما حكي عن بعضهم أنّه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «من كذب عليّ فليتبوّأ مقعده من النار» ونحن نكذب له، ونقوّي شرعه [3] . انظر إلى هؤُلاء الفسقة الفجرة ؛ كيف غُشي على أبصارهم وخُتم على قلوبهم! نعوذ باللّه من ذلك . ثُمّ أخذَتِ الرواة من زهّاد هؤلاء ومنتحلي الديانة منهم ، وركّبوها في كتبهم ، فعمّت به البليّة . قال بعض المحقّقين : «وأعظم ضرراً مَن انتسب منهم إلى الزهد والصلاح بغير علمٍ ، فوضع الحديث بزعمه حسبةً للّه ، فقبل الناس موضوعاته ثقةً به وركونا ً
[1] الإضافة منا لاقتضاء السياق .[2] الدراية ، ص 58؛ تدريب الراوي للسيوطي ، ص 103.[3] الدراية ، ص 58 ؛ الموضوعات ، ج 1 ، ص 96 و 97.