responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الکافی- ط دار الحدیث نویسنده : الشيخ الكليني    جلد : 1  صفحه : 38

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعُقَلَاءَ زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا وَرَغِبُوا فِي الْآخِرَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا طَالِبَةٌ [١] مَطْلُوبَةٌ ، وَ [٢] الْآخِرَةَ طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ ، فَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ ، طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا رِزْقَهُ ، وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا ، طَلَبَتْهُ الْآخِرَةُ ، فَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ فَيُفْسِدُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ.

يَا هِشَامُ ، مَنْ أَرَادَ الْغِنى [٣] بِلَا مَالٍ ، وَرَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ ، وَالسَّلامَةَ فِي الدِّينِ ، فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ يُكَمِّلَ عَقْلَهُ ؛ فَمَنْ عَقَلَ ، قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ ، وَمَنْ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ ، اسْتَغْنَى ، وَمَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا يَكْفِيهِ ، لَمْ يُدْرِكِ الْغِنى أَبَداً.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللهَ حَكى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا : « ( رَبَّنا لا تُزِغْ ) [٤] ( قُلُوبَنا بَعْدَ


[١] في « ب ، بس ، بف » : « طالبة ومطلوبة » مع الواو. وقال الميرزا رفيعا في حاشيته على الكافي ، ص ٥٤ : « لا يبعدأن يقال : الإتيان بالعاطف في الآخرة بقوله : « الآخرة طالبة ومطلوبة » وتركُه في قوله : « الدنيا طالبة مطلوبة » للتنبيه على أنّ الدنيا طالبة موصوفة بالمطلوبية ، فيكون الطالبية ـ لكونها موصوفةً ـ بمنزلة الذات ، فدلّ على أنّ الدنيا من حقّها في ذاتها أن تكون طالبة ، ويكون المطلوبة ـ لكونها صفةً لاحقة بالطالبة ـ من الطورائ التي ليس من حقّ الدنيا في ذاتها أن تكون موصوفة بها ؛ فلو أتى بالعاطف لفاتت تلك الدلالة. وأمّا الآخرة فلمّا كان الأمران أي الطالبيّة والمطلوبية ـ كلاهما ممّا تستحقّها وتتّصف بها في ذاتها ، فأتى بالعاطف. وإن حمل قوله : « الدنيا طالبة مطلوبة » على تعدّد الخبر ، ففي ترك العاطف دلالة على عدم ارتباط طالبيّتها بمطلوبيّتها ، وأمّا في الآخرة فالأمران فيها مرتبطان لايفارقها أحدهما الآخر ، ولذا أتى بالواء والدالّة على التقارن في أصل الثبوت لها ». وقال في الوافي ، ج ١ ، ص ١٠١ : « طالبية الدنيا عبارة عن إيصالها الرزق المقدّر إلى من هو فيها ليكونوا فيها إلى الأجل المقرّر ، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على أحسن أحوالها. وطالبية الآخرة عبارة عن بلوغ الأجل وحلول الموت لمن هو في الدنيا ليكونوا فيها ، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها يكونوا على أحسن أحوالها. ولا يخفي أنّ الدنيا طالبة بالمعني المذكور ؛ لأن الرزق فيها مقدّر مضمون يصل إلى الإنسان لا محالة ، طلبه أولا : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللهِ رِزْقُها) [ هود (١١) : ٦ ]. وأنّ الآخرة طالبة أيضاً ؛ لأنّ الأجل مقدّر كالرزق ، مكتوب : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً) [ الأحزاب (٣٣) : ١٦ ] ».

[٢] في « ب ، بس ، بف » والوافي : + « أنّ ».

[٣] في « ف » : « الدنيا ».

[٤] الزَيْغ : هو الميل عن الاستقامة والعدول عن الحقّ. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٢٠ ؛ المفردات للراغب ، ص ٣٨٧ ( زيغ ).

نام کتاب : الکافی- ط دار الحدیث نویسنده : الشيخ الكليني    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست