الفصل الخامس والأربعون الموعظة
45/ 1 مَواعِظُ الخِضرِ لِموسى
11977. رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: قالَ أخي موسى عليه السلام: يا رَبِّ، أرِني الّذي كُنتَ أرَيتَني في السَّفينَةِ، فأوحى اللّهُ إلَيهِ: يا مُوسى، إنّكَ سَتَراهُ، فلَم يَلبَثْ إلّا يَسيرا حتّى أتاهُ الخضرُ، وهُو فَتىً طَيِّبُ الرِّيحِ وحَسَنُ الثِّيابِ، فقالَ: السّلامُ علَيكَ ورَحمَةُ اللّهِ يا موسَى بنَ عِمرانَ! إنَّ ربَّكَ يُقرِئُكَ السَّلامَ ورَحمَةَ اللّهِ. قالَ موسى: هُو السَّلامُ ومِنهُ السَّلامُ وإلَيهِ السَّلامُ، والحَمدُ للّهِ رَبِّ العالَمينَ الّذي لا احصي نِعَمَهُ ولا أقدِرُ على أداءِ شُكرِهِ إلّا بِمَعونَتِهِ. ثُمّ قالَ موسى: اريدُ أن تُوصِيَني بوَصِيَّةٍ يَنفَعُني اللّهُ بها بَعدُ.
قالَ الخضرُ عليه السلام: يا طالِبَ العِلمِ، إنّ القائلَ أقَلُّ مَلالَةً مِن المُستَمِعِ فلا تُمِلَّ جُلَساءكَ إذا حَدَّثتَهُم، واعلَمْ أنّ قَلبَكَ وِعاءٌ فانظُرْ ماذا تَحشو بهِ وِعاءكَ، فاعزُبْ عَنِ الدُّنيا وانبِذْها وَراءكَ؛ فإنّها لَيسَت لَكَ بِدارٍ، ولا لَكَ فيها مَحَلُّ قَرارٍ، وإنّها جُعِلَت بُلغَةً لِلعِبادِ لِيَتَزَوّدوا مِنها لِلمَعادِ.