. فجاءَه زُهاءُ عشرين ألفاً مقنَّعين في الحديد شاكِي السِّلاحِ، سيُوفُهم على عواتقِهِم، و قد اسودَّتْ جِباهُهُم مِنَ السُّجودِ، يتقدَّمهم مِسْعَرُ بن فَدَكيّ، و زَيْد بن حُصَيْن، و عصابةٌ من القرّاء الَّذِين صاروا خوارج من بعدُ، فنادَوه باسمه لا بإمرةِ المؤمنين: يا عليّ، أجبِ القومَ إلى كتاب اللَّه إذْ دُعيت إليه، و إلَّا قتلناك، كما قتَلْنا ابنَ عفَّان، فو اللَّهِ، لَنَفعَلنَّها إنْ لم تُجِبهم.
فقال لهم:
«ويْحَكُم، أنا أوَّلُ مَن دَعا إلى كتابِ اللَّهِ، وأوَّلُ مَن أجابَ إليهِ، وليسَ يَحِلُّ لِي، ولا يَسعُنِي في ديني أن أُدعَى إلى كتابِ اللَّهِ فَلا أَقبلُه، إنِّي إنَّما أقاتِلُهم ليَدِينوا بِحُكْمِ القُرآنِ، فإنَّهُم قد عَصَوا اللَّهَ فِيما أمرَهُم، ونَقَضُوا عَهْدَه، ونَبَذُوا كِتابَهُ، ولَكنِّي قَد أعلَمْتُكُم أنَّهُم قَد كادُوكُم، وأنَّهم لَيسوا العَمَلَ بِالقُرآنِ يُرِيدُونَ»
. قالوا: فابعث إلى الأشْتَر ليأتيك، و قد كان الأشْتَر صبيحة ليل الهرير قد أشرف على عَسْكَرِ مُعاوِيةَ لِيَدْخُلَهُ. [1]
[1]. وقعة صفِّين: ص 489- 490 و راجع: بحار الأنوار: ج 32 ص 532؛ تاريخ الطبري: ج 5 ص 48، الكامل في التاريخ: ج 2 ص 386، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 2 ص 216، مروج الذهب: ج 2 ص 401.