فتقدَّم إليه زياد و شُرَيْحُ فأخبراه بالرَّأي الَّذي رأيا، فقال:
«قد أصَبتُما رُشدَكُما»
. فلمَّا عَبَر الفرات قدَّمهما أمامَهُ نحو مُعاوَيِةَ، فلمَّا انتَهوا إلى معاوية، لقيهم أبو الأعْوَر السَّلميّ في جند أهل الشَّام، فدعَوهم إلى الدُّخول في طاعة أمير المؤمنين فأبوا، فبعثوا إلى عليّ: إنّا قد لقينا أبا الأعْوَر السَّلميّ بِسُور الرُّوم في جند من أهل الشَّام، فدعوناه و أصحابه إلى الدُّخول في طاعتك فأبَوا علينا، فمرنا بأمرك.
[أ لا ترى مدح أمير المؤمنين 7 الأشْتَر بقوله:
«لا يُخافُ رَهَقُهُ»
، و الرَّهَقُ مُحَرَّكَةٌ:
السَّفَهُ و رُكوبُ الشَّرّ، و الظُّلم و غشيانُ المَحارِمِ إنْ كانَ مَصْدَراً، و أمّا إن كانَ اسماً من الإرهاقِ فَهُو بمعنى حَمْلِ الإنسانِ علَى ما لا يُطِيقُ، و على التُّهمةِ و الإثْمِ، أي لا يخاف أن يغشى المحارِمَ و يظلمَ النَّاسَ و يَخُونَ المُسلِمينَ، أو يحملهم على ما لا يُطيقون، يعني أنَّه مأمون من هذه الجهات، كما أنَّ قوله 7
«ولا سِقاطِهِ»
بالكسر:
يعني العثرةَ و الزلّة يدلّ، على أنَّ الأشْتَر مأمون أيضاً من جهة عثاره، فهو مأمون من أن يرتكب شيئاً فيه الإثْمُ و الفسادُ عمداً و خطأً، كما أنَّ قوله 7:
«و لا بُطؤهُ عمَّا الإسراعُ إليهِ أحزَمُ»
، يفيد كمال العقل و التدبير في الحرب، بحيث صار مأموناً عن الإبطاء إذا كان الإسراع موافقاً للحزم و الاحتياط، أو الإسراع فيما كان الإبطاءُ فيه موافقاً للحزم و الاحتياط.
هذه الأوصاف الَّتي وصف بها الأشْتَر تقرب من أوصاف العصمة، كما أنَّهُ 7 أوصاه عند إرسالِهِ إلى مِصرَ فقال: