النَّجاشي و هو يقول شعراً مطلعها:
نَسيرُ إليكُمْ بالقَبائِلِ و القَنا * * * و إن كانَ فيما بَينَنا شَرَفُ القَتْلِ [1]
74 كتابه 7 إلى معاوية
قال ابن قُتَيْبَة في الإمامة و السِّياسة، بعد نقله كتاب معاوية الآتي: فأجابه عليّ:
«أمَّا بعدُ، فَقدِّرِ الأُمورَ تَقديرَ مَن يَنظُرُ لِنَفسِهِ دُونَ جُندٍ، ولا يشْتَغِلُ بالهَزْلِ مِن قَولِهِ، فلعَمري لَئِنْ كانَت قُوَّتي بأَهلِ العِراقِ، أوْثَقُ عِندي مِن قُوَّتي باللَّهِ ومَعرِفَتي بهِ، فلَيسَ عِندَهُ باللَّهِ تَعالَى يَقينٌ مَنْ كانَ علَى هذا. فناجِ نفسَكَ مُناجاةَ مَنْ يَستَغنِي بالجِدِّ دُونَ الهَزْلِ، فإنَّ في القَول سِعَةً، ولَن يُعذَرَ مِثلُكَ فيما طَمَحَ إليهِ الرِّجالُ.
وأمَّا ما ذَكرتَ مِن أنَّا كُنَّا وإيَّاكُم يَداً جامِعَةً، فَكُنَّا كَما ذَكَرْتَ، فَفرَّقُ بيننا وبَينَكُم أنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَسُولَه مِنَّا، فآمنَّا به وكَفَرتُم.
ثُمَّ زَعمْتَ أنِّي قَتلتُ طَلْحَةَ والزُّبَيْرَ، فَذلِكَ أمرٌ غِبتَ عَنهُ ولم تَحضَرْهُ، ولو حَضَرْتَهُ لَعِلمتَهُ، فلا عَليكَ، ولا العذرُ فيهِ إليكَ، وزَعَمْتَ أنَّكَ زائرِي في المُهاجرينَ، وقَدِ انقطَعَتِ الهِجرَةُ حينَ أُسِرَ أخوكَ، فإنْ يكُ فِيكَ عَجَلٌ فاستَرفِه [2]، وإنْ أزرك فجديرٌ أنْ يكونَ اللَّهُ بَعثنِي عَليكَ للنَقِمَةِ مِنكَ، والسَّلامُ.»
[نصّ كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين 7، و الَّذي كان هذا الكتاب جواباً له:]
سلام اللَّه على من اتَّبع الهُدى، أمَّا بعدُ، فإنَّا كنَّا نَحنُ و إيَّاكُم يَداً جامِعَةً، و أُلفَةً
[1]. الفتوح: ج 2 ص 537.
[2] استرفه: فعل أمر، أي استرح و لا تستعجل.