63 كتابه 7 إلى معاوية
من كتاب له 7 إلى معاوية جواباً عن كتاب منه:
«أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّا كُنَّا نَحْنُ وأَنْتُمْ عَلَى مَا ذَكَرْتَ مِنَ الأُلْفَةِ والْجَمَاعَة، فَفَرَّقَ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ أَمْسِ، أَنَّا آمَنَّا وكَفَرْتُمْ، والْيَوْمَ أَنَّا اسْتَقَمْنَا وفُتِنْتُمْ، ومَا أَسْلَمَ مُسْلِمُكُمْ إلَّا كَرْهاً، وبَعْدَ أَنْ كان أَنْفُ الإِسْلامِ كُلُّهُ لِرَسُولِ اللَّه 6 حَرْباً.
وذَكَرْتَ أَنِّي قَتَلْتُ طَلْحَةَ والزُّبَيْرَ، وشَرَّدْتُ بِعَائِشَةَ ونَزَلْتُ بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ، وذَلِكَ أَمْرٌ غِبْتَ عَنْهُ، فَلا عَلَيْكَ، ولا الْعُذْرُ فِيهِ إِلَيْكَ، وذَكَرْتَ أَنَّكَ زَائِرِي فِي الْمُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ، وقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ يَوْمَ أُسِرَ أَخُوكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَجَلٌ فَاسْتَرْفِهْ [1]، فَإِنِّي إِنْ أَزُرْكَ فَذَلِكَ جَدِيرٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ إِنَّمَا بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِلنِّقْمَةِ مِنْكَ، وإِنْ تَزُرْنِي فَكَمَا قال أَخُو بَنِي أَسَدٍ:
مُسْتَقْبِلِينَ رِيَاحَ الصَّيْفِ تَضْرِبُهُمْ * * * بِحَاصِبٍ بَيْنَ أَغْوَارٍ وجُلْمُودِ
وعِنْدِي السَّيْفُ الَّذِي أَعْضَضْتُهُ بِجَدِّكَ وخَالِكَ وأَخِيكَ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ، وإِنَّكَ واللَّه مَا عَلِمْتُ الأَغْلَفُ الْقَلْبِ، الْمُقَارِبُ الْعَقْلِ، والأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَكَ: إِنَّكَ رَقَيتَ سُلَّماً أَطْلَعَكَ مَطْلَعَ سُوءٍ عَلَيْكَ لا لَكَ، لأَنَّكَ نَشَدْتَ غَيْرَ ضَالَّتِكَ، ورَعَيْتَ غَيْرَ سَائِمَتِكَ، وطَلَبْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ، ولا فِي مَعْدِنِهِ، فَمَا أَبْعَدَ قَوْلَكَ مِنْ فِعْلِكَ؟
وقَرِيبٌ مَا أَشْبَهْتَ مِنْ أَعْمَامٍ وأَخْوَالٍ حَمَلَتْهُمُ الشَّقَاوَةُ وتَمَنِّي الْبَاطِلِ عَلَى الْجُحُودِ بِمُحَمَّدٍ 6، فَصُرِعُوا مَصَارِعَهُمْ حَيْثُ عَلِمْتَ، لَمْ يَدْفَعُوا عَظِيماً ولَمْ يَمْنَعُوا حَرِيماً، بِوَقْعِ سُيُوفٍ مَا خَلا مِنْهَا الْوَغَى، ولَمْ تُمَاشِهَا الْهُوَيْنَى، وقَدْ أَكْثَرْتَ فِي
[1] أرفه: أقام و استراحَ كاستَرْفَهَ (تاج العروس: ج 19 ص 39 «رفه»).