الَّذِي إليْه عاقِبَتُكَ.
واعْلَم أنَّ اللَّه تعالى إذَا أرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً حالَ بينَه وبينَ ما يَكْرَهُ، ووَفَّقَه لطاعَتِهِ، وإذا أرَادَ اللَّهُ بِعَبدٍ سُوء اً أغْراهُ بالدُّنيا وأنْساهُ الآخِرَةَ، وبَسَطَ له أمَلَه، وعاقَه عمَّا فيْه صَلاحُه.
وقد وَصَلني كتابُك فَوَجَدتُكَ تَرْمِي غَيْرَ غَرَضِكَ، وتَنْشُدُ غَيْرَ ضَالَّتِكَ، وتَخْبِطُ في عَمايَةٍ، وتَتِيهُ في ضَلالَةٍ، وتَعْتَصِمُ بغَيْر حُجَّة، وتَلُوذُ بأضْعَفِ شَبْهَةٍ.
فأمَّا سُؤالُك المُتارَكَةَ والإقْرارَ لَكَ على الشَّام، فلو كنْتُ فاعِلًا ذلِكَ اليوْمَ، لَفَعَلْتُهُ أمْسِ.
وأمَّا قولُك: إنَّ عُمَرَ وَلَّاكَهُ، فَقَدْ عَزَلَ مَن كان وَلَّاه صاحِبُهُ، وعَزَلَ عثْمان مَن كان عُمَر وَلَّاه، ولم يُنْصَب للنَّاس إمامٌ إلَّالِيَرى مِن صَلاح الأمَّة إماماً قَدْ كانَ ظهَرَ لِمَن قبْلَهُ، أوْ أخْفى عنْهُم عَيْبَهُ والأمرُ يَحْدُثُ بعْدَه الأمرُ، ولكلِّ وَالٍ رَأْيٌ واجْتِهادٌ.
فَسُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلأَهْوَاءَ الْمُبْتَدَعَةِ، والْحَيْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ، مَعَ تَضْيِيعِ الْحَقَائِقِ، واطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ، الَّتي هِيَ لِلَّهِ طِلْبَةٌ، وعَلَى عِبَادِهِ حُجَّةٌ.
فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ عَلَى عُثْمَانَ، وقَتَلَتِهِ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ، وخَذَلْتَهُ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ والسَّلامُ».
[1]
و من كلام له 7 في معنى قتل عثمان، و هو حكم له على عثمان، و عليه و على النَّاس بما فعلوا، و براءة له من دمه:
«لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلًا، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً، غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لا
[1] راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 153، جمهرة الرسائل العرب: ج 1 ص 471؛ نهج البلاغة: الكتاب 37.