اللَّه العزميّةَ التكليفيّةَ، فهي إنّما صارت مغلوبةً لمشيّة إبراهيم- أي تحقّق متعلّق هذه دون متعلّق تلك- من جهة المشيّة الاخرى الحتميّة، فمثل هذه المغلوبيّةً ليست مغلوبيّة منافية لسلطان اللَّه تعالى، بل هي محقّقة له.
وكذا الأمر في نهي آدم ومخالفته؛ فبطل قول المفوّضة الزاعمين للاستقلال بعد الإقدار بتوهّم أنّه لولاه لما غلب مشيّة العاصي مشيّةَ اللَّه، فسبحان الذي لا رادّ لمشيّته، ولا معقّب لحكمه، ولا حول ولا قوّة إلّابه، له الخلق والأمر، وإليه يرجع الأمر كلّه.
وهذا الحلّ قد يسّر اللَّه تعالى بمعونة مفاوَضَة بعض الألبّاء المشتغلين إليّ، ولعمري إنّ هذا الحديث الشريف وأمثاله من الآيات البيّنات على إمامة أئمّتنا : وغزارة علمهم، والعجب ممّن عدّها من المتشابهات وممّن حملها على التقيّة، زاعماً أنّها موافقة لمذهب الأشعريّة، كلّا إن هو إلّاكذبٌ مفترى، فتدبّر وتبصّر، ثمّ كُن للَّهمن الشاكرين.
في التوحيد: «علم اللَّه عزّوجلّ أن لا يقوم أحدٌ من خلقه بحقّه، فلمّا علم بذلك وهب» إلى آخره.
وفيه: «ولم يمنعهم إطاقة القبول منه؛ لأنّ علمه أولى بحقيقة التصديق، فوافقوا ما سبق لهم في علمه وإن قدروا أن يؤتوا خِلالًا تُنجيهم عن معصيته، وهو معنى شاء ما شاء وهو سرّ» [1] فليتدبّر.
ثمّ إنّ غرض السائل أنّا نعلم أنّ عمل أهل الشقاء هو الموجب لعذابهم؛ «وَ ما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»[2]، وأنّ الحكم في علمه تعالى لهم بالعذاب تابع لشقائهم، ولا نعلم من أين لحقهم الشقاء؟
وحاصل الجواب: أنّ الشقاء لهم من ذواتهم الشخصيّة، واتّضاح ذلك بعد ذكر اصول: