صورة طير»،[1] و في بعضها: «نسمة المؤمن طير»،[2] و في بعضها: «في جوف طير أخضر»،[3] و في بعضها: «في حواصل طير يسرح في الجنّة حيث يشاء».[4] و بالجملة، الأخبار من الطريقين دالّة على تصوّر الأرواح بصور الطيور، و اللَّه سبحانه قادر على تصويرها بتلك الصور، و هي للطافتها قابلة لذلك، فلا وجه لما ذكره الآبي عن بعضهم من أنّه يبعد حمل تلك الأخبار على ظاهرها؛ لأنّه إذا تغيّرت الأرواح عن صفاتها إلى صفات الطير فليست بأرواح، فلا بدّ من تأويلها، إمّا بأنّ التعبير عن الأرواح بالطيور على سبيل التشبيه بسرعة حركتها، أو بأنّ تلك الصور مراكب ممهّدة لها، فتركبها و تسرح حيث شاءت بسير تلك المراكب، و اللَّه أعلم بحقيقة تلك المراكب، كما هو أعلم بحقيقة راكبها.

و يحتمل أن يكون تلك المراكب طيوراً من ذهب أو ياقوت، كما جاء في صفة خيل الجنّة، و أنّها مراكب و مجالس لأهل الجنّة في الجنّة.[5] و قد جاء في سدرة المنتهى أنّه إليها تنتهي أرواح الشهداء،[6] و أنّه غشيها فراش من ذهب،[7] و الفراش الطيور الصغار،

[1]. شرح صحيح مسلم للنووي، ج 13، ص 32؛ الديباج على صحيح مسلم للسيوطي، ج 4، ص 478؛ التمهيد لابن عبد البرّ، ج 11، ص 63 و 64، الاستذكار له أيضاً، ج 3، ص 91.

[2]. الموطّأ، ج 1، ص 240، ح 49؛ مسند أحمد، ج 3، ص 460؛ منتخب مسند عبد بن حميد، ص 147، ج 376؛ المعجم الكبير، ج 19، ص 64؛ تفسير القرآن لعبد الرزّاق، ج 3، ص 182، في تفسير الآية 55 من سورة غافر؛ الاستذكار، ج 3، ص 90، ح 523.

[3]. صحيح مسلم، ج 6، ص 38- 39؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 566، ج 2520؛ المستدرك للحاكم، ج 2، ص 88؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 9، ص 163؛ المصنّف لابن أبي شيبة، ج 8، ص 70، كتاب الجنّة، ح 25؛ كنز العمّال، ج 4، ص 308، ح 10639. و في الجميع:« خضر» بدل« أخضر».

[4]. انظر: سنن الدارمي ج 2، ص 206؛ مسند الطيالسي، ص 38؛ كتاب الدعاء للطبراني ص 123، ح 325؛ كنز العمّال، ج 4، ص 413، ح 1170.

[5]. انظر: سنن الترمذي، ج 4، ص 87، ح 2666؛ المعجم الكبير، ج 4، ص 180؛ كنز العمّال، ج 14، ص 648، ح 39776؛ جامع البيان، ج 25، ص 124، في تفسير سورة الزخرف.

[6]. مجمع البيان، ج 9، ص 292، في تفسير سورة النجم.

[7]. جامع البيان، ج 27، ص 74 و ما بعدها، تفسير سورة النجم؛ تفسير ابن زمنين، ج 4، ص 308؛ زاد المسير، ج 7، ص 230؛ تفسير القرطبي، ج 17، ص 96؛ التسهيل، ج 4، ص 76.