ثُمَّ قالَ لِأَصحابِهِ : قُوموا فَاشرَبوا مِنَ الماءِ يَكُن آخِرَ زادِكُم ، وتَوَضَّؤوا وَاغتَسِلوا ، وَاغسِلوا ثِيابَكُم لِتَكونَ أكفانَكُم . ثُمَّ صَلّى بِهِمُ الفَجرَ ، وعَبَّأَهُم تَعبِئَةَ الحَربِ ، وأمَرَ بِحَفيرَتِهِ الَّتي حَولَ عَسكَرِهِ ، فَاُضرِمَت بِالنّارِ ؛ لِيُقاتِلَ القَومَ مِن وَجهٍ واحِدٍ .{-1-}
833.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن الحارث بن كعب وأبي الضحّاك عن عليّ بن الحسين [زين العابدين ]عليه السلام : خَرَجَ [الحُسَينُ عليه السلام] إلى أصحابِهِ ، فَأَمَرَهُم أن يُقَرِّبوا بَعضَ بُيوتِهِم مِن بَعضٍ وأن يُدخِلُوا الأَطنابَ بَعضَها في بَعضٍ ، وأن يَكونوا هُم بَينَ البُيوتِ إلَّا الوَجهَ الَّذي يَأتيهِم مِنهُ عَدُوُّهُم ... . قالَ أبو مِخنَفٍ : عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عاصِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ بنِ عَبدِ اللَّهِ المِشرَقِيِّ قالَ : - في غداة عاشوراء - وجَعَلُوا البُيوتَ في ظُهورِهِم ، وأمَرَ بِحَطَبٍ وقَصَبٍ كانَ مِن وَراءِ البُيوتِ يُحرَقُ بِالنّارِ ؛ مَخافَةَ أن يَأتوهُم مِن وَرائِهِم . قالَ : وكانَ الحُسَينُ عليه السلام أتى بِقَصَبٍ وحَطَبٍ إلى مَكانٍ مِن وَرائِهِم مُنخَفِضٍ كَأَنَّهُ ساقِيَةٌ ، فَحَفَروهُ في ساعَةٍ مِنَ اللَّيلِ ، فَجَعَلوهُ كَالخَندَقِ ، ثُمَّ ألقَوا فيهِ ذلِكَ الحَطَبَ وَالقَصَبَ ، وقالوا : إذا عَدَوا عَلَينا فَقاتَلونا ألقَينا فيهِ النّارَ ؛ كي لا نُؤتى مِن وَرائِنا ، وقاتَلنَا القَومَ مِن وَجهٍ واحِدٍ . فَفَعَلوا وكانَ لَهُم نافِعاً . قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَني عَبدُ اللَّهِ بنُ عاصِمٍ قالَ : حَدَّثَنِي الضَّحّاكُ المِشرَقِيُّ قالَ : لَمّا أقبَلوا نَحوَنا ، فَنَظَروا إلَى النّارِ تَضطَرِمُ فِي الحَطَبِ وَالقَصَبِ ، الَّذي كُنّا ألهَبنا فيهِ النّارَ مِن وَرائِنا لِئَلّا يَأتونا مِن خَلفِنا ، إذ أقبَلَ إلَينا مِنهُم رَجُلٌ يَركُضُ عَلى فَرَسٍ كامِلِ الأَداةِ ، فَلَم يُكَلِّمنا حَتّى مَرَّ عَلى أبياتِنا ، فَنَظَرَ إلى أبياتِنا ، فَإِذا هُوَ لا يَرى إلّا حَطَباً تَلتَهِبُ النّارُ فيهِ ، فَرَجَعَ راجِعاً ، فَنادى بِأَعلى صَوتِهِ : يا حُسَينُ ، استَعجَلتَ النّارَ فِي الدُّنيا قَبلَ يَومِ القِيامَةِ ! فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: مَن هذا ؟ كَأَنَّهُ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ. فَقالوا: نَعَم، أصلَحَكَ اللَّهُ، هُوَ هُوَ. فَقالَ : يَابنَ راعِيَةِ المِعزى ! أنتَ أولى بِها صِلِيّاً .