6 / 4
خُطبَةُ زَينَبَ عليها السلام في أهلِ الكوفَةِ
2276.الأمالي للمفيد عن حذلم بن ستير : رَأَيتُ زَينَبَ بِنتَ عَلِيٍّ عليه السلام ولَم أرَ خَفِرَةً [1] قَطُّ أنطَقَ مِنها ، كَأَنَّها تُفرِغُ عَن لِسانِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام . قالَ : وقَد أومَأَت إلَى النّاسِ أنِ اسكُتوا ، فَارتَدَّتِ الأَنفاسُ ، وسَكَتَتِ الأَصواتُ ، فَقالَت : الحَمدُ للّه ِِ وَالصَّلاةُ عَلى أبي رَسولِ اللّه ِ ، أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، ويا أهلَ الخَتلِ [2] وَالخَذلِ ، فَلا رَقَأَتِ [3] العَبرَةُ ، ولا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ ، فَما مَثَلُكُم إلّا «كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَـثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَـنَكُمْ دَخَلَا بَيْنَكُمْ » [4] . ألا وهَل فيكُم إلَا الصَّلَفُ [5] النَّطَفُ [6] ، وَالصَّدَرُ الشَّنَفُ [7] ، خَوّارونَ فِي اللِّقاءِ ، عاجِزونَ عَنِ الأَعداءِ ، ناكِثونَ لِلبَيعَةِ ، مُضَيِّعونَ لِلذِّمَّةِ ، فَبِئسَ ما قَدَّمَت لَكُم أنفُسُكُم أن سَخِطَ اللّه ُ عَلَيكُم ، وفِي العَذابِ أنتُم خالِدونَ . أتبكونَ ! إي وَاللّه ِ فَابكوا كَثيرا وَاضحَكوا قَليلاً ، فَلَقَد فُزتُم بِعارِها وشَنارِها [8] ، ولَن تَغسِلوا دَنَسَها عَنكُم أبَداً . فَسَليلَ خاتَمِ الرِّسالَةِ ، وسَيِّدَ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ، ومَلاذَ خِيَرَتِكُم ، ومَفزَعَ نازِلَتِكُم ، وأمارَةَ مَحَجَّتِكُم ، ومَدرَجَةَ حُجَّتِكُم خَذَلتُم ، ولَهُ قَتَلتُم ! ألا ساءَ ما تَزِرونَ ، فَتَعسا ونُكسا ، فَلَقَد خابَ السَّعيُ ، وتَرِبَتِ الأَيدي [9] ، وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ ، وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللّه ِ ، وضُرِبَت عَلَيكُمُ الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ . وَيلَكُم، أتَدرونَ أيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ فَرَيتُم [10] ؟ وأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكتُم ؟ وأيَّ كَريمَةٍ لَهُ أصَبتُم ؟ «لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْـئا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَـوَ تُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا » [11] ، ولَقَد أتَيتُم بِها خَرقاءَ [12] شَوهاءَ ، طِلاعَ [13] الأَرضِ وَالسَّماءِ . أفَعَجِبتُم أن قَطَرَتِ السَّماءُ دَما ! « وَ لَعَذَابُ الْأَخِرَةِ أَخْزَى » ، فَلا يَستَخِفَّنَّكُمُ المَهَلُ ، فَإِنَّهُ لا يُحَفِّزُهُ [14] البِدار [15] ، ولا يُخافُ عَلَيهِ فَوتُ الثّأرِ ، كَلّا «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ » . [16] قالَ : ثُمَّ سَكَتَت ، فَرَأَيتُ النّاسَ حَيارى ، قَد رَدّوا أيدِيَهُم في أفواهِهِم ، ورَأَيتُ شَيخا قَد بَكى حَتَّى اخضَلَّت لِحيَتُهُ ، وهُوَ يَقولُ : 0 كُهولُهُم خَيرُ الكُهولِ ونَسلُهُم إذا عُدَّ نَسلٌ لا يَخيبُ ولا يَخزى [17] 0