1605.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن الحارث بن كعب وأبي ا خَرَجَ [الحُسَينُ عليه السلام ] إلى أصحابِهِ ، فَأَمَرَهُم أن يُقَرِّبوا بَعضَ بُيوتِهِم مِن بَعضٍ وأن يُدخِلُوا الأَطنابَ بَعضَها في بَعضٍ ، وأن يَكونوا هُم بَينَ البُيوتِ إلَا الوَجهَ الَّذي يَأتيهِم مِنهُ عَدُوُّهُم ... . قالَ أبو مِخنَفٍ : عَن عَبدِ اللّه ِ بنِ عاصِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ بنِ عَبدِ اللّه ِ المِشرَقِيِّ قالَ : ـ في غداة عاشوراء ـ وجَعَلُوا البُيوتَ في ظُهورِهِم ، وأمَرَ بِحَطَبٍ وقَصَبٍ كانَ مِن وَراءِ البُيوتِ يُحرَقُ بِالنّارِ ؛ مَخافَةَ أن يَأتوهُم مِن وَرائِهِم . قالَ : وكانَ الحُسَينُ عليه السلام أتى بِقَصَبٍ وحَطَبٍ إلى مَكانٍ مِن وَرائِهِم مُنخَفِضٍ كَأَنَّهُ ساقِيَةٌ ، فَحَفَروهُ في ساعَةٍ مِنَ اللَّيلِ ، فَجَعَلوهُ كَالخَندَقِ ، ثُمَّ ألقَوا فيهِ ذلِكَ الحَطَبَ وَالقَصَبَ ، وقالوا : إذا عَدَوا عَلَينا فَقاتَلونا ألقَينا فيهِ النّارَ ؛ كي لا نُؤتى مِن وَرائِنا ، وقاتَلنَا القَومَ مِن وَجهٍ واحِدٍ . فَفَعَلوا وكانَ لَهُم نافِعا . قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَني عَبدُ اللّه ِ بنُ عاصِمٍ قالَ : حَدَّثَنِي الضَّحّاكُ المِشرَقِيُّ قالَ : لَمّا أقبَلوا نَحوَنا ، فَنَظَروا إلَى النّارِ تَضطَرِمُ فِي الحَطَبِ وَالقَصَبِ ، الَّذي كُنّا ألهَبنا فيهِ النّارَ مِن وَرائِنا لِئَلّا يَأتونا مِن خَلفِنا ، إذ أقبَلَ إلَينا مِنهُم رَجُلٌ يَركُضُ عَلى فَرَسٍ كامِلِ الأَداةِ ، فَلَم يُكَلِّمنا حَتّى مَرَّ عَلى أبياتِنا ، فَنَظَرَ إلى أبياتِنا ، فَإِذا هُوَ لا يَرى إلّا حَطَبا تَلتَهِبُ النّارُ فيهِ ، فَرَجَعَ راجِعا ، فَنادى بِأَعلى صَوتِهِ : يا حُسَينُ ، استَعجَلتَ النّارَ فِي الدُّنيا قَبلَ يَومِ القِيامَةِ ! فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : مَن هذا ؟ كَأَنَّهُ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ . فَقالوا : نَعَم ، أصلَحَكَ اللّه ُ ، هُوَ هُوَ . فَقالَ : يَابنَ راعِيَةِ المِعزى ! أنتَ أولى بِها صِلِيّا . فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ : يَابنَ رَسولِ اللّه ِ ، جُعِلتُ فِداكَ ، ألا أرميهِ بِسَهمٍ ؟ فَإِنَّهُ قَد أمكَنَني ، ولَيسَ يَسقُطُ مِنّي سَهمٌ ، فَالفاسِقُ مِن أعظَمِ الجَبّارينَ . فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : لا تَرمِهِ ؛ فَإِنّي أكرَهُ أن أبدَأَهُم . [1]