responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دانش نامه اميرالمؤمنين (ع) بر پايه قرآن، حديث و تاريخ نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 5  صفحه : 454

2392.عنه عليه السلام ـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ ـ: مِن عَبدِ اللّه ِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ : أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ أخا خَولانَ قَدِمَ عَلَيَّ بِكِتابٍ مِنكَ تَذكُرُ فيهِ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ، وما أنعَمَ اللّه ُ عَلَيهِ بِهِ مِنَ الهُدى وَالوَحيِ . وَالحَمدُ للّه ِِ الَّذي صَدَقَهُ الوَعدَ ، وتَمَّمَ لَهُ النَّصرَ ، ومَكَّنَ لَهُ فِي البِلادِ ، وأظهَرَهُ عَلى أهلِ العِداءِ وَالشَّنَآنِ مِن قَومِهِ الَّذينَ وَثَبوا بِهِ ، وشَنِفوا لَهُ ، وأظهَروا لَهُ التَّكذيبَ ، وبارَزوهُ بِالعَداوَةِ ، وظاهَروا عَلى إخراجِهِ وعَلى إخراجِ أصحابِهِ وأهلِهِ ، وألَّبوا عَلَيهِ العَرَبَ ، وجامَعوهُم عَلى حَربِهِ ، وجَهَدوا في أمرِهِ كُلَّ الجَهدِ ، وقَلَّبوا لَهُ الاُمورَ حَتّى ظَهَرَ أمرُ اللّه ِ وهُم كارِهونَ . وكانَ أشَدَّ النّاسِ عَلَيهِ ألبَةً اُسرَتُهُ ، وَالأَدنى فَالأَدنى مِن قَومِهِ إلّا مَن عَصَمَهُ اللّه ُ . يَا بنَ هِندٍ ! فَلَقَد خَبَّأَ لَنَا الدَّهرُ مِنكَ عَجَباً ! ولَقَد قَدِمتَ فَأَفحَشتَ ؛ إذ طَفِقتَ تُخبِرُنا عَن بَلاءِ اللّه ِ تَعالى في نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وفينا ، فَكُنتَ في ذلِكَ كَجالِبِ التَّمرِ إلى هَجَرَ ، أو كَداعي مُسَدِّدِهِ إلَى النِّضالِ . وذَكَرتَ أنَّ اللّه َ اجتَبى لَهُ مِنَ المُسلِمينَ أعواناً أيَّدَهُ اللّه ُ بِهِم ، فَكانوا في مَنازِلِهِم عِندَهُ عَلى قَدرِ فَضائِلِهِم فِي الإِسلامِ ، فَكانَ أفضَلَهُم ـ زَعمتَ ـ فِي الإِسلامِ ، وأنصَحَهُم للّه ِِ ورَسولِهِ الخَليفَةُ ، وخَليفَةُ الخَليفَةِ . ولَعَمري إنَّ مَكانَهُما مِنَ الإِسلامِ لَعَظيمٌ ، وإنَّ المُصابَ بِهِما لَجُرحٌ فِي الإِسلامِ شَديدٌ . رَحِمَهُمَا اللّه ُ وجَزاهُما بِأَحسَنِ الجَزاءِ . وذَكَرتَ أنَّ عُثمانَ كانَ فِي الفَضلِ ثالِثاً ؛ فَإِن يَكُن عُثمانُ مُحسِناً فَسَيَجزيهِ اللّه ُ بِإِحسانِهِ ، وإن يَكُ مُسيئاً فَسَيَلقى رَبّاً غَفوراً لا يَتَعاظَمُهُ ذَنبٌ أن يَغفِرَهُ . ولَعَمرُ اللّه ِ إنّي لَأَرجو ـ إذا أعطَى اللّه ُ النّاسَ عَلى قَدرِ فَضائِلِهِم فِي الإِسلامِ ونَصيحَتِهِم للّه ِِ ورَسولِهِ ـ أن يَكونَ نَصيبُنا في ذلكَ الأَوفَرَ . إنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله لَمّا دَعا إلَى الإِيمانِ بِاللّه ِ وَالتَّوحيدِ كُنّا ـ أهلَ البَيتِ ـ أوَّلَ مَن آمَنَ بِهِ ، وصَدَّقَ بِما جاءَ بِهِ ، فَلَبِثناأحوالاً مُجَرَّمَةً ، وما يَعبُدُ اللّه َ في رَبعٍ ساكِنٍ مِنَ العَرَبِ غَيرُنا ، فَأَرادَ قَومُنا قَتلَ نَبِيِّنا ، واجتِياحَ أصلِنا ، وهَمُّوا بِنَا الهُمومَ ، وفَعَلوا بِنَا الأَفاعيلَ ؛ فَمَنَعونَا المِيرةَ ، وأمسَكوا عَنَّا العَذبَ ، وأحلَسونَا الخَوفَ ، [1] وجَعَلوا عَلَينَا الأَرصادَ وَالعُيونَ ، وَاضطَرّونا إلى جَبَلٍ وَعِرٍ ، وأوقَدوا لَنا نارَ الحَربِ ، وكَتَبوا عَلَينا بَينَهُم كِتاباً لا يُؤاكِلونا ولا يُشارِبونا ولا يُناكِحونا ولا يُبايِعونا ولا نَأمَنُ فيهِم حَتّى نَدفَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله فَيَقتُلوهُ ويُمَثِّلوا بِهِ . فَلَم نَكُن نَأمَنُ فيهِم إلّا مِن مَوسِمٍ إلى مَوسِمٍ ، فَعَزَمَ اللّه ُ لَنا عَلى مَنعِهِ ، وَالذَّبِّ عَن حَوزَتِهِ ، وَالرَّميِ مِن وَراءِ حُرمَتِهِ ، وَالقِيامِ بِأَسيافِنا دونَهُ ، في ساعاتِ الخَوفِ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ ، فَمُؤمِنُنا يَرجو بِذلِكَ الثَّوابَ ، وكافِرُنا يُحامي بِهِ عَنِ الأَصلِ . فَأَمّا مَن أسلَمَ مِن قُرَيشٍ بَعدُ فَإِنَّهُم مِمّا نَحنُ فيهِ أخلِياءُ ؛ فَمِنهُم حَليفٌ مَمنوعٌ ، أو ذو عَشيرَةٍ تُدافِعُ عَنهُ ؛ فَلا يَبغيهِ أحَدٌ بِمِثلِ ما بَغانا بِهِ قَومُنا مِنَ التَّلَفِ ، فَهُم مِنَ القَتلِ بِمَكانِ نَجوَةٍ وأمنٍ . فَكانَ ذلِكَ ما شاءَ اللّه ُ أن يَكونَ . ثُمَّ أمَرَ اللّه ُ رَسولَهُ بِالهِجرَةِ ، وأذِنَ لَهُ بَعدَ ذلِكَ في قِتالِ المُشرِكينَ ، فَكانَ إذَا احمَرَّ البَأسُ ودُعِيَت نِزالَ أقامَ أهلَ بَيتِهِ فَاستَقدَموا ، فَوَقى بِهِم أصحابَهُ حَرَّ الأَسِنَّةِ والسُّيوفِ ، فَقُتِلَ عُبَيدَةُ يَومَ بَدرٍ ، وحَمزَةُ يَومَ اُحُدٍ ، وجَعفَرٌ وزَيدٌ يَومَ مَؤتَةَ ، وأرادَ للّه ِِ مَن لَو شِئتُ ذَكَرتُ اسمَهُ مِثلَ الَّذي أرادوا مِنَ الشَّهادَةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله غَيرَ مَرَّةٍ ، إلّا أنَّ آجالَهُم عُجِّلَت ، ومَنِيَّتَهُ اُخِّرَت . وَاللّه ُ مولِي الإِحسانِ إلَيهِم ، وَالمَنّانُ عَلَيهِم بِما قَد أسلَفوا مِنَ الصّالِحاتِ . فَما سَمِعتُ بِأَحَدٍ ولا رَأَيتُ فيهِم مَن هُوَ أنصَحُ للّه ِِ في طاعَةِ رَسولِهِ ، ولا أطوَعُ لِرَسولِهِ في طاعَةِ رَبِّهِ ، ولا أصبَرُ عَلَى اللَأْواءِ وَالضَّرّاءِ وحينَ البَأسِ ومَواطِنِ المَكروهِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِن هؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ سَمَّيتُ لَكَ . وفِي المُهاجِرينَ خَيرٌ كَثيرٌ نَعرِفُهُ ، جَزاهُمُ اللّه ُ بِأَحسَنِ أعمالِهِم ! وذكَرتَ حَسَدِي الخُلَفاءَ ، وإبطائي عَنهُم ، وبَغيي عَلَيهِم ؛ فَأَمَّا البَغيُ فَمَعاذَ اللّه ِ أن يَكونَ ، وأمَّا الإِبطاءُ عَنهُم وَالكَراهَةُ لِأَمرِهِم فَلَستُ أعتَذِرُ مِنهُ إلَى النّاسِ ، لِأَنَّ اللّه َ جَلَّ ذِكرُهُ لَمّا قَبَضَ نَبِيَّهُ صلى ا��له عليه و آله قالَت قُرَيشٌ : مِنّا أميرٌ ، وقالَتِ الأَنصارُ : مِنّا أميرٌ . فَقالَت قُرَيشٌ : مِنّا مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَنَحنُ أحَقُّ بِذلِكَ الأَمرِ ، فَعَرَفَت ذلِكَ الأَنصارُ ، فَسَلَّمَت لَهُمُ الوِلايَةَ وَالسُّلطانَ . فَإِذَا استَحَقّوها بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله دونَ الأَنصارِ فَإِنَّ أولَى النّاسِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أحَقُّ بِها مِنهُم . وإلّا فَإِنَّ الأَنصارَ أعظَمُ العَرَبِ فيها نَصيباً ، فَلا أدري أصحابي سَلِموا مِن أن يَكونوا حَقّي أخَذوا ، أوِ الأَنصارُ ظَلَموا ، بَل عَرَفتُ أنَّ حَقّي هُوَ المَأخوذُ ، وقَد تَرَكتُهُ لَهُم ، تَجاوَزَ اللّه ُ عَنهُم ! وأمّا ما ذَكَرتَ مِن أمرِ عُثمانَ وقَطيعَتي رَحِمَهُ ، وتَأليبي عَلَيهِ ؛ فَإِنَّ عُثمانَ عَمِلَ ما قد بَلَغَكَ ، فَصَنَعَ النّاسُ بِهِ ما قَد رَأَيتَ وقَد عَلِمتَ أنّي كُنتُ في عُزلَةٍ عَنهُ ، إلّا أن تتََجَنّى ، فَتَجَنَّ ما بَدا لَكَ . وأمّا ما ذَكَرتَ مِن أمرِ قَتَلَةِ عُثمانَ ؛ فَإِنّي نَظَرتُ في هذَا الأَمرِ ، وضَرَبتُ أنفَهُ وعَينَيهِ ، فَلَم أرَ دَفعَهُم إلَيكَ ولا إلى غَيرِكَ . ولَعَمري لَئِن لَم تَنزِع عَن غَيِّكَ وشِقاقِكَ لَتَعرِفَنَّهُم عَن قَليلٍ يَطلُبونَكَ ، ولا يُكَلِّفونَكَ أن تَطلُبَهُم في بَرٍّ ولا بَحرٍ ، ولا جَبَلٍ ولا سَهلٍ . وقَد كانَ أبوكَ أتاني حينَ وَلَّي النّاسُ أبا بَكرٍ فَقالَ : أنتَ أحَقُّ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله بِهذَا الأَمرِ ، وأنا زَعيمٌ لَكَ بِذلِكَ عَلى مَن خالَفَ عَلَيكَ . اُبسُط يَدَكَ اُبايِعكَ ، فَلَم أفعَل وأنتَ تَعلَمُ أنَّ أباكَ قد كانَ قالَ ذلِكَ وأرادَهُ حَتّى كُنتُ أنَا الَّذي أبيَتُ ، لِقُربِ عَهدِ النّاسِ بِالكُفرِ ، مَخافَةَ الفُرقَةِ بَينَ أهلِ الإِسلامِ . فَأَبوكَ كانَ أعرَفَ بِحَقّي مِنكَ . فَإِن تَعرِف مِن حَقّي ما كانَ يَعرِفُ أبوكَ تُصِب رُشدَكَ ، وإن لَم تَفعَل فَسَيُغنِي اللّه ُ عَنكَ وَالسَّلامُ . [2]


[1] أي ألزموناه ولم يفارقنا (اُنظر النهاية : ج 1 ص 424 «حلس») .

[2] وقعة صفّين : ص 88 ، بحار الأنوار : ج 33 ص 110 ح 408 ؛ شرح نهج البلاغة : ج 15 ص 76 ، المناقب للخوارزمي : ص 252 نحوه وكلّها عن أبي ورق وراجع نهج البلاغة : الكتاب 28 .

نام کتاب : دانش نامه اميرالمؤمنين (ع) بر پايه قرآن، حديث و تاريخ نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 5  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست