لا تكاد تعارف من
ظلمة الليل ، فصففت مع الرجال وكنت امرأة وحديثة عهد بالجاهلية فقال لي رجل جنبي :
امرأة أنت أم رجل ؟
قلت : امرأة : قال : « كدت تفتنيني ،
عليك بالنساء وراءك ». فإذا صف من النساء قد حدث عند الحجرات ، لم أكن رأيته حين
دخلت ، فصففت معهن.
فلما صلينا جعلت أرمي ببصري الرجل ذا
الرداء والفثرد لأرى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، حتى دنا رجل فقال : السلام عليك يا رسول الله.
فإذا هو جالس القرفصاء ، ضام ركبتيه الى
صدره ، عليه اسمال ملسين ، كانتا مصبوغتين بزعفران فنعصا ، وبيده عسيب مقشور غير
خوصتين من أعلاه فقال : وعليك السلام ورحمة الله.
فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
، والتخشع في مجلسه أرعدت من الفرق ، فقال له جليسه : يا رسول الله ... أرعدت
المسكينة [١].
فقال بيده : « يا مسكينة عليك السكينة »
فذهب عني ما كنت اجد من الرعب.
قالت : فتقدم صاحبي أول من تقدم ،
فبايعه على الإسلام ... وعلى قومه ، ثم قال :
يا رسول الله ، اكتب لنا بالدهناء ، لا
يجاوزها من تميم إلينا إلا مسافر ... او مجاور ...
فقال : يا غلام اكتب له الدهناء.
[١] أرعد الرجل من
الخوف : أنزل به الرعدة ـ صيره يرتعد ! ارتعد : اضطرب واهتر ـ ترجرج ـ المنجد في
اللغة.