كان إذا بلغ المنزل ، أناخ بي ثم تنحى
الى شجرة ، فاضطجع تحتها ، ثم استأخر عني ، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري ، فحط عنه
ثم قيده في الشجرة. فاذا دنا الرواح ، قام الى بعيري ، فقدمه ، فرحَّله ، ثم تأخر
عني وقال : اركبي ... فإذا ركبت واستويت على بعيري ، أتى فأخذ بخطام البعير فقاده
، ولم يزل يصنع ذلك حتى قدم المدينة [١].
وفي وقعة أحد قتل ابو سلمة رضوان الله عليه
مجاهداً ، فحزنت عليه زوجته ام سلمة ، ووجدت كثيراً على فقد الزوج المؤمن العطوف
الذي كان دائماً يدعو لها بالخير والسعادة ، وطالما ردد قوله : « اللهم ارزق ام
سلمة بعدي رجلاً خير مني ، لا يخزيها ولا يؤذيها ».
فلما مات قالت : من هذا الذي هو لي خير
من أبي سلمة ...؟ وكأن الله قد استجاب دعاء ابي سلمة المجاهد المؤمن فتزوجها رسول
الله (ص).
زواج رسول الله (ص) من أم سلمة :
حزنت أم سلمة على فقد الزوج الرؤوف ،
وعطفت على اولادها ، ترعاهم بكل حنان وعطف حتى إذا انقضت عدتها أرسل إليها ابو بكر
يخطبها ، فرفضت بكل إصرار ، وخطبها عمر بن الخطاب فرفضت أيضاً [٢].
وأرسل رسول الله (ص) الى أم سلمة يخطبها
، فقالت مرحباً برسول الله
[١] سيرة ابن هشام ـ
ج ٢ ـ ص ١١٣. وفي الدر المنثور ص ٥٣١ اقول : لقد كان المسلمون الاول مثال الشهامة
، والمروءة ، والغيرة ، والحمية. فحديث ام سلمة عن عثمان بن طلحة ومرافقته لها في
الطريق ومعاملته اياها المعاملة الحسنة حيث كان يتنحى الى جهة ثانية ويتأخر ، حتى
تركب راحلتها لهي في منتهى الحشمة والادب.