« انه قد ضوى [١] الى بلد الملك منّا غلمان سفهاء ،
فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم ، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم
، وقد بعثنا الى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم اليهم. فإذا كلمنا الملك فيهم ،
فأشيروا عليه بأن يسلمهم الينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عيناً [٢] وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
قالت : ولم يكن شيء أبغض الى عبد الله
بن أبي ربيعه وعمرو بن العاص ، من أن يسمع كلامهم النجاشي. قالت : فقالت بطارقته
من حوله :
صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عيناً
وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم اليهما ، فليرداهم الى بلادهم وقومهم.
قالت : فغضب النجاشي ، ثم قال : لا ها
الله إذاً لا أسلمهم اليهما ، ولا يُكاد قوم جاوروني ، ونزلوا بلادي واختاروني على
من سواي حتى ادعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم. فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم
اليهما ، ورددتهم الى قومهم. وإن كانوا غير ذلك ، منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما
جاوروني.
قالت : ثم أرسل الى أصحاب رسول الله (ص)
، فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم : ماذا تقولون للرجل إذا جئتموه ...؟
قالوا : نقول والله ما علَّمنا وما أمرنا
به نبينا (ص) كائناً في ذلك ما هو كائن.
[١] ضوى : لجأ اليه
ـ ولصق به ـ أي اتى ليلا متخفياً ـ سراً.
[٢] اعلى بهم عيناً ـ
اي اعرف بهم وابصر ـ والمعنى : عينهم وأبصارهم فوق عين غيرهم يرون منهم ما لا يرى
غيرهم.