النهر مجراه ، ويهجم
على المزارع والمساكن بصورة جنونية ، ويؤدي إلى خسائر عظيمة في الأرواح والأموال
وتنسف الأتعاب والجهود التي بذلها الريفيون المساكين طيلة سنوات عديدة!!.
إنه لا يمكن الاستغناء عن النهر ، لأن
النهر يعتبر الشريان الرئيسي لحياة هؤلاء الناس في الأرياف ، وإن مظاهر العمران
ظهرت بفضل وجود النهر ـ ولأجل أن نستفيد من فوائد النهر ، ولا ترد علينا خسارة أو
ضرر من جراء الفيضان ، علينا أن نبني سداً محكماً عليه ، ونمنع من طغيانه ومن
الواضح أن بناء السد يجعلنا ننتفع من فوائد النهر باستمرار ، ونكون في مأمن من
أضراره وخسائره.
طغيان الغرائز :
إن الغرائز والميول البشرية تشبه النهر
الذي تقوم عليه الحياة الفردية والاجتماعية. فإن كانت الاستجابة لها بصورة معقولة
وحسب مقاييس ثابتة فانها تمنح الحياة نشاطاً وحيوية ، أما إذا أرضيت بالصورة
الفوضوية العارمة ومن دون نظام أو ترتيب فلا شك في أنها تؤدي إلى الشقاء والانهيار.
وبعبارة أخرى : فكما أن النهر كان مسخراً لصالح الناس تارة وكان الناس مسخرين
لتأثير النهر تارة أخرى ، كذلك الغرائز فانها قد تخضع لقيادة العقل ، وقد يخضع
العقل لقيادة الغرائز. إن السعادة تتحقق متى خضعت الميول جميعها لسيطرة العقل ،
وكانت منقادة لأوامره ومقرراته.
هذا الكلام مقبول لدى جميع الماديين
والمتألهين في العالم ، فقد أقر العقلاء والعلماء جميعهم بأن الانقياد للغرائز
وإرضاءها بلا قيد أو شرط يتنافى مع التمدن والسعادة البشرية.
« تقضي الحياة ،
وخصوصاً الحياة الاجتماعية للانسان ، أن تهدى الغرائز الأولى منذ البداية ،
وتوجه نحو الأهداف الاجتماعية ، وبصورة أوضح نقول : كما أنه يجب إقامة سد أمام
مجرى الماء لادارة محرك من المحركات المعتمدة على قوة