نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 38
هذا إلى جانب براعتهم في فن الشعر
والخطابة بحيث لم يسبقهم في ذلك غيرهم وإلى جانب انهم كانوا مضرب المثل في الشجاعة
والجرأة ، والمهارة في الفروسية والرمي.
يرون الفرار والادبار في الحرب عاراً
لازماً ، وصفة ذميمة يلام صاحبها بسببها اشد اللوم.
ولكن في مقابل ذلك كله كانوا يعانون من
مفاسد أخلاقية تغطي على كل كمال عندهم ، وتنسي كل فضيلة.
ولو لا تلك الكوة المباركة الّتي فتحت
عليهم من عالم الغيب ، لطويت صفحة حياتهم الإنسانية على القطع واليقين.
يعني لو لم تبزغ شمس الإسلام في أواسط
القرن السادس الميلادي ، ولم تسطع اشعتها الباعثة على الحياة ، على عقولهم وقلوبهم
لما رأيت اليوم من العرب العدنانيين اي اثر ، ولتكرّرت مقولة العرب البائدة مرة
اُخرى!
لقد حَوَّل فقدان القيادة الرشيدة ،
وغياب الثقافة الصحيحة حياة العرَب ، من جانب ، وانتشار الفساد والفحشاء من جانب
آخر إلى حياة حيوانية مُزرية حتّى أن صفحات التاريخ تروي لنا أخباراً وقصصاً مفصلة
عن حروب دام بعضها خمسين عاماً ، وبعضها الآخر مائة عام قد نشبت بين الاطراف
العربية لأسباب طفيفة ودوافع تافهة جدا.
لقد أدى عدم سيادة النظام والقانون على
الحياة العربية ، وعدم وجود حكومة قوية مسيطرة على الاوضاع ، توقف البغاة
والمتمردين عند حدودهم ، إلى أن يعيش العرب ـ آنذاك ـ في صورة القبائل الرُحّل ،
ويرحلوا في كل سنة إلى منطقة معينة من الصحراء التماساً للعشب والماء لانفسهم
ولانعامهم ، فاذا عثروا على ماء وعُشب أو شيء من آثار الحياة نزلوا عنده ، وأنزلوا
رحالهم بجواره ، فاذا سمعوا عن وجود مكان افضل استأنفوا رحلتهم الصحراوية التماساً
لحياة اكثر بركة ، وعطاء ، وأوفر خصباً وأمناً.
هذه الحيرة وهذا الضياع وعدم الاستقرار
كان ناتجاً من أمرين :
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 38