نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 305
يكون شيئاً قابلا
للوحي حتّى يكون موحى ، وروح القدس ليس موحى بل هو الموحي ( بالكسر ) فكيف يمكن أن
يكون مفعولا ل « أوحينا » ، ولأجله يجب تأويل الروايات إن صحّت اسنادها.
الثاني : إن هيئة « ما كنتَ » أو « ما
كانَ » تُستعمل في نفي الإمكان والشأن قال سبحانه : « وَما كانَ لنَفْس أنْ تَموتَ إلاّ بإذْنِ اللّه
» [١] وقال عزَّ
اسمه : « ما كانَ
المؤمنُونَ لِيَنِفرُوا كافّةً
» [٢].
وعلى ضوء هذا الاصل يكون مفاد قوله « ما
كُنتَ تدري ما الكتابُ ولا الايمانُ » أنه لولا الوحيُ ما كان من شأنك أن تدري
الكتابُ ولا الإيمان ، فان وقفتَ عليهما فانّما هو بفضل الوحي وكرامته.
الثالث : أن ظاهر الآية هو أن النبي الاكرم
صلىاللهعليهوآلهوسلم
كان فاقداً للعلم بالكتاب ، والدراية بالكتاب ، وانما حصلت الدراية بهما في ظل
الوحي وفضله فيجب إمعان النظر في الدراية الّتي كان النبي فاقداً لها قبل الوحي
وصار واجداً لها بعده ، فما تلك الدراية وذاك العلم؟
فهل المراد هو العلم بنزول الكتاب إليه
اجمالا والايمان بوجوده وتوحيده سبحانه ، أو المراد العلم بتفاصيل ما في الكتاب ،
والاذعان بها كذلك؟
لا شك انه لا سبيل إلى الأول لأنّ علمه
ـ اجمالا ـ بانه ينزل إليه الكتاب ، أو ايمانه بوجود اللّه سبحانه كانا حاصلين قبل
نزول الوحي إليه ولم يكن العلم بهما ممّا يتوقف على الوحي ، فان الأحبار والرهبان
كانوا واقفين على نبوّته ورسالته ونزول الكتاب إليه في المستقبل إجمالا ، وقد سمع
منهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
في فترات مختلفة : أنه النبيّ الموعود في الكتب السماوية ، وانه خاتم الرسالات
والشرائع ، فهل يصحّ أن يقال أن علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم
بنزول كتاب عليه إجمالا كان بعد بعثته وبعد نزول الوحي ، أو انه كان متقدماً عليه
وعلى بعثته ، ومثلُهُ الإيمان باللّه سبحانه ، وتوحيده ، إذ لم يكن الإيمان باللّه
امراً
١ ـ آل عمران : ١٤٥.
٢ ـ التوبة : ١٢٢.
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 305