نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 157
التفاني في سبيل الوفاء بالعهد والنذر :
رغم ان العرب الجاهليين كانوا غارقين في
الفساد الأخلاقي فانهم كانوا يتحلون ببعض الصفات الحسنة ، والخصال المحبَّبة.
وللمثال كان نقض العهود من أقبح الافعال
في نظرهم ، فاذا عقدوا عهوداً مع القبائل العربية أو ثقوها بالأيمان ، المغلظة
المؤكدة ، والتزموا بها إلى الاخير ، وربما نذروا النذور الثقيلة واجتهدوا في
اداءها مهما كلف ذلك من مشقة وثمن.
ولقد أحسَّ « عبد المطلب » عند حفر بئر
زمزم بالضعف في قريش لقلة اولاده ، ولهذا نذر إذا رزقه اللّه تعالى عشرة بنين أن
يقدم أحدهم قرباناً للكعبة ولم يُطلِعْ احداً على نذره هذا.
ولم يمض زمان الاّ وبلغ عَدَدُ ابنائه
عشرة ، وبذلك حان أوان وفائه بنذره الّذي نذر ، وهو ان يذبح احدهم قرباناً للكعبة.
ولا شك ان تصور مسألة كهذه فضلا عن
تنفيذه كان امراً في غاية الصعوبة على عبد المطلب ، ولكنه كان في نفس الوقت يخشى
ان يعجز عن تحقيق هذا الامر فيكون من الناقضين للعهد ، التاركين لاداء النذر ، ومن
هنا قررأن يشاور ابناءه في هذا الامر ، وبعد ان يكسب رضاهم وموافقتهم يختار احدهم
للذبح بالقرعة [١].
وتمت عملية القرعة ، فاصابت « عبدَ
اللّه » والد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم
فاخذ عبد المطلب بيد ابنه ، وتوجَّه من فوره إلى حيث يذبحه فيه.
ولما علمت قريش رجالُها ونساؤها بقصة
النذر المذكور وما آلت إليه عملية القرعة حَزِنَ الناس والشباب خاصة لذلك حزنا
شديداً وبكوا وضجوا ، وقال أحدُهم ليتني ذبحت مكان هذا الشاب.
١ ـ هذه القضية
ذكرها كثير من المؤرخين وكتّاب السيرة ، وهذه القصّة إنّما هي جديرة بالاهتمام من
جهة أنها تجسّد مدى إيمان « عبد المطلب » وقوّة عزمه ، وصلابة إرادته ، وتبين
جيّداً كم كان مصرّاً على الوفاء بعهوده والتزاماته.
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 157