نام کتاب : حياة امام محمد الجواد عليه السلام نویسنده : باقر شريف القرشي جلد : 1 صفحه : 49
به ، ويفتك بحياته ،
وعلينا أن نتحدّث ـ بإيجاز ـ عن الأسباب التي دعته إلى اقتراف هذه الجريمة وهي :
١ ـ الحسد :
وأترعت نفس المأمون بالحسد للإمام الرضا
عليهالسلام وكان سبب
ذلك ما ظهر للناس من فضل الإمام وعلمه ، وقد روى المؤرّخون أنّ المأمون أوعز إلى
علماء الأقطار الإسلامية بالقدوم إلى خراسان لامتحان الإمام ، وقد خاضوا معه مختلف
المسائل الفلسفية والكلامية والبحوث الطبّية وغيرها ، وقد خرجوا من عنده وهم
يقولون بإمامته ويذيعون فضله وينشرون معارفه ، ولما استبان للمأمون ذلك أوعز إلى
محمد بن عمرو الطوسي بطرد الناس عن مجلس الإمام [١] وقد كشف النقاب عن هذه الجهة أبو الصلت
الهروي عندما سأله أحمد بن عليّ الأنصاري فقال له : كيف طابت نفس المأمون بقتل
الرضا مع إكرامه ومحبّته له وما جعل له من ولاية العهد؟ فأجابه أبو الصلت :
( إنّ المأمون إنّما كان يكرمه ويحبّه
لمعرفته بفضله ، وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس أنّه راغب في الدنيا ،
فيسقط محلّه من نفوسهم فلمّا لم يظهر منه ذلك للناس إلاّ ما ازداد به فضلاً عندهم
، ومحلاً في نفوسهم ، جلب عليه المتكلّمين من البلدان طمعاً في أن يقطعه واحد
فيسقط محلّه عند العلماء ، ويشتهر نقصه عند العامّة ، فكان لا يكلّمه خصم من
اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والبراهمة والملحدين والدهرية ، ولا خصم من فوق
المسلمين المخالفين إلاّ قطعه وألزمه الحجّة ، وكان الناس يقولون : والله أنّه
أولى بالخلافة من المأمون ، وكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك
ويشتدّ حسده [٢].