ثمّ لم تزل الأوغاد تنسخ
على منوالهم، و تقتدي بأفعالهم و أقوالهم، إلى أن شنّوا عليهم الغارات، و عقدوا
لحربهم الرايات، و اصطفّوا لقتالهم بصفّينهم و بصرتهم، و ابتدروا لبوارهم و بوار
شيعتهم، ثمّ اغتالوا وصيّه في محرابه ساجدا راكعا، و خذلوه متهجّدا خاشعا، و
جرّعوا سبط نبيّهم ذعاف سمومهم، و صرعوا رهطه في كربلاء بشدّة عزمهم و تصميمهم.
ثمّ جعلوا سبّ ذرّيّته
على منابرهم في جوامعهم، و همز عترته في محاضرهم و مجامعهم، شرطا من شروط صلواتهم،
و شطرا من أوراد عباداتهم، و جعلوا شيعتهم إلى يوم الناس هذا أذلّاء مقهورين، و
ضعفاء مستورين، قد كعمتهم[1] التقيّة، و
شملتهم البليّة، يقصدونهم في أنفسهم و أموالهم، و يغرّون السفهاء من جهّالهم، و
يعيّرونهم بزيارة قبور أوليائهم و ساداتهم، و يبدّعونهم في قصد مشاهد أئمّتهم، بغض
آل الرسول مركوز في جبلّتهم، و هظم الطاهرة البتول مرموز في خطابهم و محاورتهم.
[مشاهدة المؤلّف رحمه
اللّه قبرا كتب عليه: هذا قبر السيّدة ملكة بنت الحسين عليه السلام]
و لقد شاهدت في القرية
الظالم أهلها، النائي عن الحقّ محلّها، المغضوب عليها، المنصوب علم الكفر لديها،
أعني بلدة دمشق الشام محلّ الفجرة الطغاة، شرقيّ مسجدها الأعظم، و بيت أصنامها
الأقدم، الّذي لا طهّر و لا قدّس، بل على شفا جرف هار اسّس، معدن العقوق، و مركز
الفسوق، و بيت النار، و مجمع الفجّار، و منبع الأشرار، و شرّ من مسجد ضرار، خربة-
كانت فيما تقدّم مسجدا- مكتوب على صخرة عتبة بابها أسماء النبيّ و آله و الأئمّة
الاثني عشر عليهم
[1] الكعام: شيء يجعل على فم البعير ... و قد
يجعل على فم الكلب لئلّا ينبح.