فأقبلوا يسافهون مسامع زعام ذلك المقام بشفاههم، و ينفثون ثرى
مواطئ الأقدام بجفونهم و جباههم، طالبين نظرة من محجوب جماله، سائلين قطرة من زلال
إفضاله، قد أخضبوا النجاد بواكف عبراتهم، و أشرفوا البلاد بتصاعد زفراتهم، يعجّون
إلى اللّه من ذنوبهم عجيج الثكلى، و يضجّون ضجيج شدّة البلوى.
و لمّا أحرزوا الأرباح
في متجر عبادتهم، و فازوا بالنجاح من قبول زيارتهم، وضعت تيجان العرفان على هامات
هممهم، و افرغت خلع الأعطاف على أعطاف كرمهم، و احبروا من جوائز الغفران بما لا
عين رأت و لا اذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر، و لا حصر بحدّ و لا قدر، و قيل لهم:
ارجعوا فقد حمد اللّه سعيكم و شكر، و غفر لكم ما تقدّم من ذنبكم و ما تأخّر.
فأبوا مغفورة ذنوبهم،
مستورة عيوبهم، قد أظلّهم اللّه بظلّ رحمته، و نظر إليهم بعين عنايته، يباهي بهم
ملائكة أرضه و سمائه، و أرواح أنبيائه و أوليائه، قد أثبت أسماءهم في صحف مكرّمة
مرفوعة مطهّرة، بأيدي سفرة كرام بررة، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ
لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ
الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ
عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَ لا يُنْفِقُونَ
نَفَقَةً صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً وَ لا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ
لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ[1].
الدعاء للزائرين من
المؤمنين
اللّهمّ إنّ هذه العصابة
الزائرة من أوليائك المؤمنين، و الجماعة الحاضرة