يا من طمست أنوار
الاسلام بمصيبته، و درست آثار الايمان بواقعته، و خفرت ذمّة الرسول لخفر ذمّته، و انتهكت
حرمة البتول لانتهاك حرمته، ها نحن عبيدك و أبناء عبيدك، العارفون من مقامات الشرف
بطارفك و تليدك، المستمسكون من دلائل بعروة عصمة لا انفصام لحبلها، المخلصون في
ودادك بصدق نيّة لا مزيد على فرعها و أصلها.
قد اجتمعنا في حضرتك
الشريفة، و بقعتك المنيفة، لنوفي التعزية بمصابك حقّها، و نفضي إليك بقلوب قد
أخلصت لولائك صدقها، و تذرف عبرات من عيون قريحة، و تصاعد زفرات من قلوب جريحة،
جزعا لواقعتك الّتي هدّت أركان الدين هدّا، و أحلّت في قلوب المؤمنين كربا و وجدا،
و نبدي أسفا إذ لم نكن من المبارزين أعداءك في عرصة القتال، و نتأوّه لها خيبة
أنّا لم نكن من المناجزين أضدادك عند مقارعة الأبطال، و يرانا اللّه قد اريقت في
نصرتك دماؤنا، و قطعت أوصالنا، نتلقّى عنك حدود الصفاح بوجوهنا، و نقابل رءوس
الرماح بصدورنا، مخلصين في طاعتك، مناصحين في متابعتك، نرى طعم الموت في جهاد أعدائك
أحلى من العسل المشار، و ارتكاب الأخطار في إظهار أمرك أولى من ركوب العار.
قد امتزجت دماؤنا بدمك،
و حصلنا في عداد جندك و خدمك، قد سبقتنا أطرافنا إلى جنّة المأوى، و عرجت أرواحنا
إلى الرفيق الأعلى، و سمينا بشهداء كربلاء، و وسمنا بسادة الشهداء، تبارك علينا الملائكة
الكرام في صلواتها، و تهدي إلينا سلامها و تحيّاتها.
فيا لها غصّة في نفوسنا،
و حسرة في قلوبنا، لا تنقضي إلّا بنصرة القائم