و لمّا رأى ابن سعد تواصل
صولاته، و تتابع حملاته، نادى في بقيّة الأحزاب من أحزابه، و كفرة الكتاب من
كتائبه و صحابه: ويلكم أ تدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتّال
العرب، فضيّقوا عليه المسالك و المذاهب، و أحدقوا به من كلّ جانب، ضربا بالصفاح، و
شجرا بالرماح.
[كثرة الجراحات الّتي
وجدت بالحسين عليه السلام]
عن أبي جعفر الباقر عليه
السلام، قال: وجد بالحسين عليه السلام ثلاثمائة و بضعة و عشرون جراحة ما بين ضربة
بسيف، أو طعنة برمح، و كانت أكثرها في مقدّمته.
و عن ابن جرير الطبري،
قال: وجد بالحسين ألف و تسعمائة جراحة ما بين ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية
بسهم، و كانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ.[2]
فيا إخواني، ما للعيون
لهذا الرزء العظيم لا تدمع؟ و ما للقلوب لهذا الخطب الجسيم لا تنجع؟ و ما للأكباد
بسيوف الأحزان لا تتقطّع؟ فعمى بطرف لا يسحّ دما لغربتهم، و سحقا لقلب لا يتضعضع
أسفا لمحنتهم، أ فلا تبكون على من بكت السماء دما عليهم؟ أ فلا تأسفون على من سجدت
جباه الفجر لديهم؟
أ فلا تجزعون لمصاب
المصطفى و المرتضى و الزهراء؟ أ فلا تحزنون لأجسادهم مرمّلة بالدماء؟ أ فلا تقرحون
الأجفان لبدور غيّبت في كربلاء؟ أ فلا تجدّدون الأحزان لمصاب أشرف أهل الأرض و
السماء؟