تمتّعوا، و أنقع غليلة أشواقي بمشاهدة ساداتي كما نقعوا، إذا
بارك الجليل عليهم من فوق عرشه عمّتني بركته، و إذا أرسل جوده إليهم غمرتني رحمته،
و إذا علم سبحانه ذلك من خالص نيّتي، و صادق طويّتي، فالمرجوّ من فيضه العميم، و
فضله الجسيم، أن يلحقني بدرجتهم، و يرقى بي إلى منزلتهم، و أن يبلغ فؤادي بهذه
النيّة الخالصة غاية أمله، فإنّ نيّة المرء خير من عمله.
المناجاة
يا حليما لا يعجل في
حكمه، و يا عليما لا يخرج شيء عن علمه، و يا قاهرا لا يعجزه شيء من مخلوقاته، و
يا قادرا على كلّ من عداه من مصنوعاته، و يا مبدع كلّ صورة لا من مادّة و صورة، و
يا من كلّ نفس في قبضة قهره مأسورة، و يا من أحيى قلوب أوليائه بزلال محبّته، و يا
من فطر نفوس أحبّائه على مراقبته و طاعته، و استخلصهم لنفسه و اصطفاهم، و أيّدهم بروح
قدسه و اجتباهم، و تجلّى لهم في ذكره الصادر عن حضرة عزّته، فظهر لبصائرهم في
بدائع ما اخترع من لطيف صنعته، فشاهدوا كلّ ما سواه حقيرا في جنب عظمته، أسيرا في
قبضة مننه، معدوما بالنسبة إلى وجوب وجوده، موسوما بسمة الافتقار إلى فيضان جوده.
و لمّا ارتوت أنفسهم القدسيّة
من معين عرفانه، و اطّلعت أرواحهم العلويّة على جلال عظيم سلطانه، بذلوا تلك
النفوس الطاهرة في حبّه، و طلبوا بهممهم العالية منازل قربه، و والوا أولياءه
بقلوب لا يشوبها شكّ، و جاهدوا أعداءه بأبدان لا يشيبها شرك، يرون القتل في حبّه
عزّ الآخرة و الاولى، و الموت في طاعته وسيلة إلى السعادة الكبرى، كشف لهم الحجاب
فشاهدوا ما ستر عن