المجلس الثامن في الأحوال الّتي جرت بعد قتل الحسين عليه
السلام من سبي ذراريه و نسائه، و حملهم إلى اللعين ابن مرجانة لعنه اللّه، ثمّ منه
إلى يزيد بن معاوية عليهما لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين
الخطبة:
الحمد للّه الّذي أشرقت
بنور عنايته قلوب العارفين، و تعلّقت بأذيال رحمته أرواح السالكين، و غرقت في بحار
ربوبيّته عقول العالمين، و احترقت بشعاع سحاب بهجته أفئدة العالمين، و أطلعت على
أسرار حكمته نفوس المخلصين، و تاهت في بيداء إلهيّته أفكار الطالبين، فانقلبت
أبصار بصائرهم حيرة عن إدراك كمال عظمته، و رجعت أنفسهم خاسئة عن تصوّر جلال
عزّته، و قعد بهم جدّهم عن الوصول إلى كعبة عرفانه، و طال عهدهم في طلب المحجوب من
أسرار عظيم شأنه، فعلموا أنّ جلاله جلّ عن الاحاطة بفكر و ضمير، و مجده عزّ عن
الشبيه و النظير، فعزفت أنفسهم عن مشاركة اولي الأنفس الناقصة لكمالها و تمامها، و
عرجت إلى الرفيق الأعلى بأقدام عزمها و إقدامها، و شربت من عين الحياة الباقية
الّتي لا انقطاع لمعينها، و طلبت درجة السعادة العالية الّتي لا انقضاء لنعيمها،
فأطلعها مبدعها على أسرار ملكوته،