و قال حميد بن مسلم: انتهيت إلى عليّ بن الحسين عليه السلام و
هو مضطجع على فراش له و هو مريض، و إذا شمر معه رجل يقول: أ لا نقتل هذا الصبيّ؟
سبحان اللّه! ما معنى
قتل الصبيان؟ فما زال دأبي كذلك أدفع عنه حتى جاء عمر بن سعد، فقال: لا يدخلنّ أحد
بيوت هذه النسوة، و لا يتعرّض لهذا الغلام أحد، و من أخذ من متاعهم شيئا فليردّه،
فو اللّه ما ردّ أحد شيئا غير انّهم كفّوا.
فقال لي عليّ بن الحسين
عليه السلام: جزيت خيرا فقد دفع اللّه عنّا- بمقالتك- أشرار الناس[1].
و لمّا دخل الناس بعد
قتل الحسين الفسطاط- فسطاط النساء- للنهب أقبلت امرأة من عسكر ابن سعد كانت مع
زوجها، فلمّا اقتحم الناس الفسطاط و أقبلوا يسلبون النساء أخذت سيفا و أقبلت نحو
الفسطاط، و نادت: يا آل بكر ابن وائل، أ تسلب بنات رسول اللّه؟ يا لثارات رسول
اللّه، فأخذها زوجها فردّها إلى رحله.
[حرق الخيام]
ثمّ أمر ابن سعد بإخراج
النساء من الخيمة و أضرموا فيها النار، فخرجن حواسر مسلّبات حافيات باكيات، يمشين
سبايا في أسر الذلّة.
قال بعض من شهد الوقعة:
ما رأيت مكثورا[2] قطّ قتل
ولده و إخوته و بنو عمّه و أهل بيته و أنصاره أربط جأشا، و لا أمضى جنانا ما رأيت
قبله و لا بعده