فقال برير: لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلا و لا
شابّا، و إنّما أفعل ذلك استبشارا بما نصير إليه فو اللّه ما هو إلّا أن نلقى[1] هؤلاء القوم
بأسيافنا نعالجهم بها ساعة، ثمّ نعانق الحور العين[2].
قال: و ركب أصحاب عمر بن
سعد، فقرّب إلى الحسين عليه السلام فرسه فاستوى عليه، و تقدّم نحو القوم في نفر من
أصحابه، و بين يديه برير بن خضير فقال له الحسين عليه السلام: كلّم القوم، فتقدّم
برير حتى وقف قريبا من القوم و قد زحفوا نحو الحسين بأجمعهم، فقال لهم برير: يا
قوم[3]، اتّقوا
اللّه فإنّ ثقل محمد صلّى اللّه عليه و آله قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذرّيّته و
عترته و بناته و حرمه، فهاتوا ما عندكم و ما الّذي تريدون أن تصنعوه بهم؟
فقالوا: نريد أن نمكّن
منهم الأمير ابن زياد فيرى رأيه فيهم.
فقال لهم برير: أ فلا
تقبلون[4] منهم إن
يرجعوا إلى المكان الّذي جاءوا منه؟ ويلكم- يا أهل الكوفة- أنسيتم كتبكم و عهودكم
الّتي أعطيتموها و أشهدتم اللّه عليها؟ يا ويلكم أ دعوتم أهل بيت نبيّكم و زعمتم
أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد، و حرمتموهم[5] عن ماء
الفرات؟ بئسما خلّفتم نبيّكم في ذرّيّته، ما لكم لا سقاكم اللّه[6] يوم القيامة، فبئس القوم أنتم.
[1] كذا في الملهوف، و في الأصل: بما يصير، فو
اللّه ما هو إلّا نلقى.