فصل في خروج الحسين صلوات اللّه عليه إلى العراق، و ما جرى
عليه في طريقه، و نزوله في الطفّ[1]
[خروج الحسين عليه
السلام من مكّة و وصوله التنعيم]
قيل: جمع الحسين عليه
السلام أصحابه بعد أن وصل إليه كتاب مسلم بطاعة أهل العراق و حسن نيّاتهم و
انقيادهم فعزم عليه السلام على الخروج و أعطى كلّ واحد منهم عشرة دنانير و جملا
يحمل عليه رحله و زاده، ثم إنّه طاف بالبيت و تهيّأ للخروج و حمل بناته و أخواته
على المحامل، فقصد[2] من مكّة يوم
الثلاثاء يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجّة و معه اثنان و ثمانون رجلا من شيعته
و مواليه و أهل بيته، فلمّا خرج اعترضه أصحاب الأمير عمرو بن سعيد بن العاص
فجالدهم بالسياط و لم يزد على ذلك فتركوه و صاحوا على أثره: أ لا تتّقي اللّه
تعالى تخرج من الجماعة، و تفرّق بين هذه الامّة؟
فقال الحسين عليه
السلام: لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ[3] الآية.
و سار صلوات اللّه عليه
حتى صار بالتنعيم، و لقي هناك عيرا تحمل الورس و الحلل إلى يزيد بن معاوية لعنه
اللّه من عامله باليمن، فأخذ الحسين
[1] انظر فيما يتعلّق بهذا الفصل: الفتوح لابن
أعثم الكوفي: 5/ 119 و ما بعدها، تاريخ الطبري: 5/ 382 و ما بعدها.