و أتصلّف عن مطاعمهم، حذرا من مننهم، و تقصّيا عن نعمتهم، كما
قال الأوّل:
فلا ذا يراني واقفا في طريقه
و لا ذا يراني جالسا عند بابه
فنصبوا حبائل حسدهم قصدا
لوقوعي، و أوفوا قواتل سمومهم ليجتاحوا أصلي و فروعي، و أطلعني ربّي على فساد
ضمائرهم، و خبث سرائرهم، فاتّخذت الليل سترا، و فصلت عن قراري سرّا، قد أذهل الخوف
لبّي، و أرجف الوجل قلبي، ملتفتا إلى ما خلفي، قد أحال الفرق لوني و غيّر وضعي،
قائلا:
رَبِّ نَجِّنِي مِنَ
الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[1]، و لا تجعلني
فتنة للقوم الكافرين[2]، عامدا أفضل
مشهد، و أكرم مرقد، و خير صعيد، و أفخر شهيد، سيّد الشهداء، و أشرف أولاد
الأنبياء، صاحب كربلاء، حتى إذا استقرّت فيّ الدار، و أمنت البوار، خمدت مسراي عند
الصباح، و جعلت مثواي حضرة خامس الأشباح، و اتّخذت بلدته موطنا و مستقرّا، و نزلا
مستمرّا، و هلمّ جرّا، و تلوت: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى[3].
[قصيدة للمؤلّف رحمه
اللّه في الحسين عليه السلام]
و لمّا سئمت صحبتهم، و
قلوت جبلتهم، جعلت أشرح ما صدر لي عنهم، و اوضح ما تمّ عليّ منهم، بسحر حلال من
شعري، و راتق زلال من نثري.
فمن جملة ذلك أبيات من
جملة قصيدة مطوّلة قلتها حين فررت، و نظمت فيها ما ذكرت، و أوردت ما تمّ على
السيّد المجيد، و السبط الشهيد، عليه أفضل الصلوات، و أكمل التحيّات: