فناداه ابن الأشعث: ويحك يا ابن عقيل، انّك لا تكدّ و لا
تغرّ، و القوم ليسوا بقاتليك، فلا تقتل نفسك.
فلم يلتفت إليه و جعل
يقاتل حتى اثخن بالجراح و ضعف عن القتال، فتكاثروا عليه من كلّ جانب، و جعلوا
يرمونه بالنبل و الحجارة، فقال مسلم:
ويلكم ما لكم ترموني
بالحجارة كما يرمى الكفّار و أنا من أهل بيت النبوّة الأبرار؟ ويلكم أ ما ترعون
حقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا حقّ ذرّيّته، ثمّ حمل عليهم مع ضعفه
فهزمهم و كسرهم في الدروب و السكك، ثمّ رجع و أسند ظهره إلى باب دار من تلك الدور،
و رجع القوم إليه، فصاح بهم محمد بن الأشعث: ذروه حتى اكلّمه، فدنا منه و قال:
ويحك يا مسلم لا تقتل نفسك أنت آمن و دمك في عنقي، و أنت في ذمّتي.
فقال مسلم: يا ابن
الأشعث، أ تظنّ أنّي اعطي بيدي يدا و أنا أقدر على القتال؟ لا و اللّه لا كان ذلك،
ثمّ حمل عليه حتى ألحقه بأصحابه، ثمّ رجع إلى موقعه فوقف و هو يقول: اللّهمّ إنّ
العطش قد بلغ منّي فلم يجترئ أحد أن يسقيه و يدنو منه.
فأقبل ابن الأشعث على
أصحابه، و قال: و اللّه إنّ هذا لهو العار و الشنار أن تجزعوا[1] من رجل واحد، فحملوا عليه، و حمل
عليهم.
[إسارة مسلم بن عقيل]
و قال ابن الأشعث:
احملوا عليه بأجمعكم حملة رجل واحد، فقصده رجل من أهل الكوفة يقال له بكير بن
حمران، فاختلفا بضربتين ضرب بكير ضربة على شفة مسلم العليا و ضرب ضربة مسلم بن
عقيل فبلغت الضربة إلى