فقد سلّطتك على دور الكوفة و سككها، فانصب المراصد، و جدّ[1] في الطلب
حتى تأتيني بهذا الرجل.
[إرسال الجيش لمحاصرة
مسلم في دار طوعة]
و أقبل محمد بن الأشعث
حتى دخل على ابن زياد، فلمّا رآه رحّب به، و أقبل ابن تلك المرأة الّتي مسلم في
دارها إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فخبّره بمكان مسلم في دار طوعة، ثمّ تنحّى.
فقال ابن زياد: ما الّذي
سارّك يا عبد الرحمن؟
فقال: أصلح اللّه
الأمير، البشارة الكبرى.
فقال: و ما ذاك؟ فأخبره
الخبر، فسرّ عدوّ اللّه، و قال: قم فائتني به و لك ما بذلت من الجائزة و الحظّ
الأوفر[2]، ثمّ أمر
ابن زياد خليفته عمرو بن حريث لعنه اللّه أن يرسل مع محمد بن الأشعث ثلاثمائة رجل
من صناديد أصحابه، فركب محمد بن الأشعث حتى وافى الدار.
و سمع مسلم وقع حوافر
الخيل و أصوات الرجال فعلم أنّه قد اتي، فبادر مسرعا إلى فرسه فأسرجه و ألجمه، و
أفرغ عليه لامة حربه، و تقلّد بسيفه، و القوم يرمون الدار بالحجارة، و يلهبون
النار في أطراف[3] القصب،
فتبسّم مسلم، ثمّ قال: يا نفس، اخرجي إلى الموت الّذي ليس منه محيص، ثمّ قال
للمرأة: رحمك اللّه و جزاك خيرا، اعلمي أنّي ما اتيت إلّا من قبل[4] ابنك، و لكن
افتحي الباب، ففتحت الباب، و خرج مسلم في وجوه القوم كالأسد المغضب