[خروج مسلم بن عقيل من
مكّة قاصدا المدينة و منها إلى الكوفة]
ثمّ دعا الحسين عليه
السلام بمسلم بن عقيل رضي اللّه عنه و دفع إليه الكتاب و قال: إنّي موجّهك إلى أهل
الكوفة، و هذه كتبهم إليّ، و سيقضي اللّه من أمرك ما يحبّ و يرضى، و أنا أرجو أن
أكون أنا و أنت في درجة الشهداء، فامض على بركة اللّه و عونه حتى تدخل الكوفة،
فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها و ادع الناس إلى طاعتي، فإن رأيت الناس مجتمعين
على بيعتي فعجّل عليّ بالخبر حتى أعمل على حسب ذلك إن شاء اللّه تعالى.
قال: ثمّ عانقه الحسين و
بكيا جميعا، و كان الحسين عليه السلام ينظر إلى مصرعه، فخرج مسلم من مكّة قاصدا
المدينة مستخفيا لئلّا يعلم به بنو اميّة، فلمّا دخل المدينة بدأ بمسجد النبيّ
صلّى اللّه عليه و آله فصلّى عنده، ثمّ أقبل[1]
في جوف الليل، فودّع أهل بيته، ثمّ استأجر دليلين من قيس عيلان يدلّانه على
الطريق، و يمضيان به إلى الكوفة على غير الجادّة، فخرج الدليلان به من المدينة
ليلا و سارا فأضلّا الطريق، و اشتدّ بهما العطش فماتا عطشا، و سار[2] مسلم و من
معه إلى الماء و قد كادوا أن يهلكوا عطشا،