فصل فيما جرى للحسين عليه السلام بعد وصوله إلى مكّة
قال[1]: و لمّا دخل الحسين مكّة جعل أهلها
يختلفون إليه، و كان قد نزل بأعلى مكّة، و نزل عبد اللّه بن الزبير داره، ثمّ
تحوّل الحسين إلى دار العبّاس، و كان أمير مكّة من قبل يزيد عمر بن سعد، وهاب ابن
سعد أن يميل الحجّاج مع الحسين لما[2] يرى من كثرة
اختلاف الناس إليه من الآفاق، فانحدر إلى المدينة و كتب بذلك إلى يزيد لعنه اللّه،
و كان الحسين أثقل الخلق على ابن الزبير لأنّه كان يطمع أن يبايعه أهل مكّة، فلمّا
قدم الحسين صاروا يختلفون إليه و تركوا ابن الزبير، و كان ابن الزبير يختلف بكرة و
عشيّة إلى الحسين و يصلّي معه.
و بلغ أهل الكوفة أنّ
الحسين قد صار في[3] مكّة، و
أقام الحسين عليه السلام في مكّة باقي شهر شعبان و رمضان و شوّال و ذي القعدة، و
كان عبد اللّه بن عبّاس و عبد اللّه بن عمر بمكّة فأقبلا جميعا و قد عزما أن
ينصرفا إلى المدينة، فقال ابن عمر: يا أبا عبد اللّه اتّق اللّه، فقد عرفت عداوة
أهل هذا البيت لكم، و ظلمهم إيّاكم، و قد ولي الناس هذا الرجل يزيد، و لست آمن أن
تميل الناس إليه لمكان الصفراء و البيضاء فيقتلوك فيهلك بقتلك بشر كثير، فإنّي
سمعت