و من حسن بلائه في
الإسلام فيما اتّصل بفتح مكّة: أنّ اللّه خصّه بتلافي فارط من خالف نبيّه في
أوامره، و ذلك أنّه أنفذ خالد بن الوليد إلى بني جذيمة داعيا لهم إلى الإسلام، فخالف
أمره و قتل القوم و هم على الإسلام لترة[2]
كانت بينه و بينهم، فأصلح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما أفسده خالد
بأمير المؤمنين عليه السلام، فأنفذه ليعطف القوم و يسل سخائمهم[3]، و أمره أن يدي القتلى، و يرضي بذلك
الأولياء، فبلغ أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك مبلغ الرضا، و أدّى ديات القتلى
و أرضاهم عن اللّه و عن رسوله، فتمّ بذلك موادّ الصلاح، و انقطعت أسباب الفساد[4].
[مقاماته (ع) في غزوة
حنين]
و من مقاماته في غزوة
حنين: أنّ المسلمين انهزموا بأجمعهم، فلم يبق مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم إلّا عشرة أنفس: تسعة من بني هاشم خاصّة و عاشرهم أيمن ابن أمّ أيمن، فقتل
أيمن و ثبتت التسعة الهاشميّون حتّى ثاب إلى رسول اللّه من كان انهزم و كانت
الكرّة لهم على المشركين، و ذلك قوله تعالى: ثُمَّ أَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ[5] يعني عليّا
عليه السلام و من ثبت معه من بني هاشم، و هم ثمانية: العبّاس ابن عبد المطّلب عن
يمين رسول اللّه، و الفضل بن العباس عن يساره، و أبو
[4] انظر: ارشاد المفيد 1: 55، و سيرة ابن هشام 4:
70، طبقات ابن سعد 2: 147، تاريخ الطبري 5: 66، و دلائل النبوة للبيهقي 5: 113،
الكامل في التاريخ 2: 255.